Views: 11
لوحة تُشبهُني
ـــــــــــــــــــــ
في غفلة من حارس الأتيلييه
النّائم في اللّون الأسود
أسحب من جيبه
سلسلة مفاتيح مكان لا يعرفني
ولا صافحَتْ، يوما، يدي مقبض دواخله…
أراوغها
كي تمرّرني بلا مقاومة
ودون صراخ يوقظ الحارس.
أتسلّل إلى مسام اللّوحة
عبر شامتين على كتفيها
علّني أعثر على صورة يجمعني بها
وطن
وأتعرّف فيها على رسوماتي التّائهة
ذات المريول والجدائل الطويلة؛
تلك اللّوحة التي جمعتُ فيها كلّ ما يُشبهني !
أنا.. في تلك اللّوحة التي تُشبهُني
كنتُ
أتدفّق كنهرها الذي يذوب في أصيله.
أجلس كقاربها على حافّة مصب، ؛
قارب طعنته موجة
بسلاح غير مرخّص،
لحداثة سنّها،
فظلّ ينزف عجزه
حتّي تشقّق وجهه
وبات جثّة تلتهمها الطّحالب…
كنتُ تلك السّارية التي
تتصدّر حشود الجنود المطلوبين على ذمّة حرب..
كنتُ القنديل الكاشف لجرم الستّائرالضبابيّة المسدلة
التي تُرفع من أوّل صفعة ضياء.
في تلك اللّوحة الغائمة التي تشبهني
كنتُ
الكوخ الفقير؛
أنظر، من بعيد، على حماقة بلا عنوان
سعيدا بعزلتي الفسيحة..
كنتُ الطريق الذي يحمل الكوخ، على ظهره
في نزهة إلى جزيرة نائية
كلّ سكانها
نخلة ترصد بتلسكوبها
زحف الغرباء
الملتحفين بعباءة الليل
وثلاث أشجار شقيقات
منهمكة في لعبة إلقاء رسائل خضراء
للنّهر الممدّد وهو يأخذ حمّامه الشّمسيْ
لتعود، بعد انتهاء اللّعبة،
لحمل حقائب سفر أسراب طيور مهاجرة
ولكفالة صغار أسراب أخرى عائدة
وتجمع في سلالها
زقزقات ناضجة على شفا السقوط…
كنتُ البهلوانة.. أمشي فوق الحبل
في سيرك أُقيم بجوار محمية
ولأنّي لم أمارس هذه الرّياضة
قبل الولوج إلى هنا
كنتُ على حافة الانزلاق إلى الهاوية…
في اللّوحة التي تُشبهني
كنتُ النّاي الباكي
حين ترشّ المواويل
ملح حزنها على جراحه الغائرة..
كنتُ الفراشة المنتحرة على سياج شمعة
والسناجب الباحثة عن بندق اللّحظة
وكنتُ نقّار الخشب
الثّاقب لبّ الألوان..
كنت كلّ هذا
على مرأى من فرشاة كانت تراقبني،
خلسة،
فتقاسمني البعد اللّوني
وتقوم بدور إشارة مرور عند منعطف الرّسام.
Elham Oraby
Discussion about this post