Views: 26
(ديسمبر تنتهي الحكايات الجميلة)
ديسمبر..
شهر الفقد الأليم الذي رحل معه والدي..
ورحلت معه كل الأشياء الجميلة..
ديسمبر..
الحاملُ لحقيبة الذكريات الحزينه المليئة بالحنين والدموع والاوجاع ..
ديسمبر انا لست بخير، فقط جدراني ترتجف من وجع الغياب المر ..
لست بخير
كبيتٍ مهجور تؤلمهُ نوافذه ويسقط طلائه من شدة البكاء..
ديسمبر.. لا تكترث لهذه المشاعر الليلة.. فإنّي فقط مشتاقٌ لقديمك..
قديمك الذي اكتنفني فيه والدي في ظله
لا أعرف من أنا الآن إنّه شعور قاسي جداً
لكني لست بخير..
لكني سأبقى بخير حتماً إن شاء الله لي ذلك عندما أستيقظ بهدوء تام…غداً في عام آخر
اااه ياابي إشتقتُ لك..
للاحاديث والحكايا التي تُسافر بي وأنا في مكاني لا ابرح
متلحفاً بمشاعري الجياشه.. والسكينة التي تصيبني من اخمص قدمي حتى هامتي
كنتَ ولا زلتَ المحبب إلى قلبي..
حينَ ألتقيك كنت ارمي خلفي العمر وأتجهُ بكل محبتي إليكَ
اتعبتني مرارة الفقد يا ديسمبر .. وعدت غصناً يايساً يحلم بغيومٍ رمادية تحجب ضوء الحزن عني..
يقال أنه في ديسمبر تنتهي الأحلام.. ولكنني ارآهُ معي ليس لطيفاً لا أكثر..
رحل ديسمبر سريعاً لنودّع به عاماً آخر ،
وأيام سقطت من خريف العمر كما ترحل قطرات الندى بين أصابع اليد لنَطوي معه صفحة من صفحات العمر ، ليكتُب نهايات حكايا يعِزُّ علينا أن نفارقُها ، وعن أشخاص عبروا في حياتنا ولم يمُرّوا بعد من قلوبنا ،
رحل ليسطُر في آخر صفحاته ايادِ ترَكتنا لم نتمنى يوم إفلاتَها ، عن ليالٍ مِن شدة قسوتها كِدنا أن نلفِظ الروح فيها ومرّت ،
عن مسافات باتت بين أحبتنا ، عن تلكَ الصدمات التي زعزعَت أرواحنا ، عن حيرتنا وضياعنا دونَ وِجهة أمامنا ، عن أشياء غادرَتنا بصمت قاتل وأرواح دفناها في قلوبنا ، عن بدايات لا نعلَم بعد عنها ..
لم يكُن عاماً سهلاً أبداً ، كان عاماً قاسياً وصعباً ، لا يشبه ما مضى من أعوام ، ودّعنا فيه أحباب ، وبكينا من لم يتسنّى لنا فرصة وداعهم ، كبِرنا فيه مئة عام ، وشابت رؤوسنا من هول أحداثه..ورغم ذلك يا ديسمبر لازِلنا ندعو أن تُنهي آخر صفحات الألم فيك وتعِدُنا ببداية شيء جميل..نرجو الله ، فلَم نعُد قادرين على تحمّل المزيد..
أستحضرُ صورَ الأحبّةِ
ألثمُ ندبةً تركها الغيابُ
وأطبعُ قبلةً على جبينٍ أثخنهُ الرحيلُ
أمسحُ الدمعَ عن أجنحةِ الفراشاتِ
أذوّبُ الوجعَ في كأسِ المحبة
أدفنُ حزنَ الأمسِ
أخترعُ غدًا أفضلَ،
أخيّبُ ظنَّ الحزنِ
أسرقُ المدى، وأمتطي صهوةَ الريحِ
وأنسجُ شباكي من حريرِ الحنينِ وأبجديّةٍ أخرى
لأصطادَ الأملَ
في السنةِ المقبلةِ
وها أنا أقف على حافة ديسمبر … استقبل سنة قادمة!!
والدي الغالي هاأنا
أَنقلُ حُبّي لكَ من عامٍ إلى عامْ..
كما ينقل التلميذ فروضه المدرسيّة إلى دفترٍ جديدْ..
أنقل صوتَك. ورائحتَك وحديثك..
ورقمَ هاتفك وذكرياتك..ووصيتك الأخوة التأخي..
وأعلِّقها في خزانة ذاكرتي..
وأمنحك دعوات ودعوات وإقامة دائمة في قلبي..
وداعاً ياابي نيابةً عن عذوق الزرع في وادي خلب..
ودعا نيابةً عن الجنوب وأهالي الجنوب وأناشيد الرعاة..
وداعاً نيابةً عن حزن امي التي لم تلوح لها تلويحة الوداع..
وداعاً نيابةً عن حشود السنابل تحت نوارج السفر..
وداعاً نيابةً عن خبز الحبيبة الساخن الذي كنت تحصده لنا من البلاد..
وداعا نيابةً عن سريرك الذي سيبقئ سهاد مؤبد..
وداعاً نيابةً عن رديمة الفل الأبيض في فناء منزلنا..
وداعاً نيابةً عن أشياءك التي بقيت كما هي واخص معكازك الذي بقى تذكار لي..
وداعاً نيابةً عن سواليفك وأحاديثك تتلاقى البشاشة فيها أسراباً، “كالعصافير تنائي وتؤوب”
وداعاً نيابةً عن جمآل الروح التي كانت تتقافز في وجهك..
وداعاً نيابةً عن طيب تهامه وكرمها وفي لونك دخنها الأخضر..
وداعاً نيابةً عن دارك الذي لم أتجاوزه مرة..
الذي عنده تنتهي الأرض
وخلفه تماما
توجد هاوية….
عيسى يوسف أحمديني
1/ 1 /2022
Discussion about this post