Views: 10
أزِفَ الرَّحِيلُ
رَحلتْ بكَ السِّبعونَ صَوْبَ قفارهَا
وَرَمَتْ بعُمرِكَ في غياهبِ غارِهَا
مِزَقٌ مِنَ الأعوَامِ بدَّدَ عقدَهَا
عصفُ الخريفِ مطوِّحاً بنثارِهَا
وَلَهتْ بكَ الأَيامُ حتى خلتهَا
باللهْوِ توُصلُ ليلها بِنهارها
ولكَمْ رَشفتَ الشهْدَ مِنْ رَاحاتهَا
فاشرَبْ على هُونٍ سُمُومَ مرَارِهَا
كمْ كنتَ مَغموراً بدِفءِ ضُلوُعهَا
وَاليومَ تصْلى فِي مَجامِرِ نارِهَا
وَلى الشبَابُ وَلَمْ تزَلْ صبوَاتهُ
يذْكيكَ بالتذْكارِ لفحُ أُوَارِهَا
وَتسَــرَّبَتْ أَيـــامُه في غفلةٍ
كمْ كنتَ مفتوُناً بجَنيِ ثِمَارِها
هَيْهاتَ تحلمُ أَنْ تشُمَّ أَرِيجَهَاَ
أوْ َنْ تذُوُقَ الشَّهْدَ مِنْ أزْهَارِها
هَذِيِ حَيَاتك قَدْ أَتى تِشْرِينها
يَهْمِي الدُّموُعَ علَى صَدَى آذارِها
والذِّكرَياتُ تئِنُّ فيِ جنباتِها
وَتموُتُ في صَمْتٍ وَرَاَءَ وِجارِهاَ
موْتٌ قبيلَ المَوْتِ تعْلنُ زَحْفهُ
نفسٌ توَاري العَجْزَ خلفَ وَقارِها
كحديقةٍ قدْ صوَّحَتْ أَشجارُهَا
أَوْ قَلْعَةٍ عَبَثَ البلى بِجدَارِها
أوَّاهُ منْ نفسٍ تبِعْتُ شرُورَها
واليومَ تحملني علَى أَوْزَارِها
ماذا جنيْتُ وَما جَنيْتُ بِأَمرِها
غيْرَ الذنوُبِ وَبئسَ خوْضِ غمارِهَا
هِيَ مِثلُ شمطاء ٍ يثيرُكَ صوُتهَا
وَتكنُ سَوءَتهَا وَرَاءَ خِمارِهَا
دَارَتْ بكَ الأفلاكُ دَوْرَتها وَما
أَبقتْ لك الأيامُ غيرَ دُوَارِهَا
لمْ تبْقِ مِنكَ سِوَى بَقايا كائِنٍ
قدْ كانَ يَامَا كانَ مِنْ َأخْبارِهَا
هِيَ ذي الحياةُ بمُبْتدَى َطوَارِهَا
مِثلُ الحَياةِ بمنْتهَى أطوَارِهَا
وَغداًأعودُإلى الترَابِ وَهلْ أَنا
إلا كعــارِيَةٍ تــرَدُّ لدَارِهَا
واليوْم ! لا أَملٌ لدَيَّ وَلا غدٌ
يا قسوَةَ العقبَى بسوءِ مَسارِهَا
دُنيَا يتيِهُ الناسُ في إعمَارِهَا
يا خُسرَ ما أنفقتُ فِي إعمارهَا
ما العُمرُ إلا زَوْرَة ٌ لِظلالِهَا
يا ليتني ما كنْتُ منْ زَوَّارِها
فغداً سَأُسأَلُ عنْ دَقائِقِ غفلتِي
وَمَتاعِهَا ، وَتِجارَتِي وَبوَارِهَا
ماذا أَقوُلُ وَهلْ لَدَيَّ إجابةٌ
والنَّفسُ غارِقةٌ بِلجَّةِ عارِهَا
يا ربُّ !عاقرْتُ الذنوُبَ جَميعهَا
وَجَمَعتُ بين صغارِهَا وكبارِهَا
خيرْتني فاخترْتُ أَسوَأ ماارْتأتْ
نفسِي وَقدْ بُليتْ بسوءِ خيارِهَا
أَأَقوُلُ أرْجعني لأَعْمَلَ صالحا
هيْهاتَ ترْجعُ أَنْفسٌ بقرَارِها
أَنتَ الْغفُورُ وَقَدْ أَتيتكَ تائِبَاَ
والنفسُ خاضِعَةٌ إلى أقدَارِها
يا رَبُّ لا تسمَعْ إلى أعذارِهَا
فَالقبحُ كلُّ القُبْحِ في أعذارِها
والرُّوحُ عالِقةٌ بحبلِ نَجاتِهَا
ترْنو إليكَ بذ ُلِّها وَصَغارِهَا
أَزِفَ الرَّحيلُ وَقدْ مَضَتْ أيامُنا
برُوَائِهَا وشمِيمِهَا وعرَارِها
Discussion about this post