Views: 10
جسور لا تنقطع
من أين أبدأ وكيف أبدأ .. وقد أمتلأت من الضجيج حتى سكنتُ الانعزال .. لأنفرد مع ليلي الذي يعجُ بالهدوء وفنجان قهوتي اليتيم .. شعرت أنني أعيش حالة ما بعد الخليقة .. وما أن أشرق صباحي أطلقتي باب نافذتي وكأني أرسم جسراً مع ذلك النور الذي يحتوي الآخرين
فشعرت بدفئهم وبردهم .. بوجعهم وأفراحهم .. ومكثت طويلا أقارن بين العزلة وجسور التواصل .. أيقتنت أن بدون الجسور لا يمكن أن أعبر إلى المستقبل أو أودع الماضي ..
فأيقنت أني أحتاج إلى عدة جسور .. فوضعت فؤادي نقطة أرتكاز وشيدت منه نقطة إنطلاق لجسور مختلفة .. فشيدت الجسر الذي ربطته مع عقلي لأجتاز أفكاري المنفردة وأقتني أفكار مقتبسة وأخرى من خلال التحليل والمحادثة وتبادل الأراء .
فحملتني عيناي عبر جسر البصر إلى عالم الجمال والطبيعة التي كانت في الجهة الأخرى من عزلتي .. فتمتعت بجمال روح الحياة وعرفت الألوان بعد أن كنت مقتصراً على الأسود والأبيض .ووضعت عنوان للورد ..
وسارت بي خطواتي من خلال جسر التقارب والتعارف وألتقيت أشخاص.. كنت ذات يوم أحلمُ بهم .. فصافحتهم بيديّ بعد أن كانت تعانق ذاتي .. وسحبت عزيزي على قلبي فعانقتنه .
حتى بأحلامي كانت للأرواح جسور تعبر إلى روحي وتقرب المسافات وتعيد لي أرواحا رحلت .فجسور الأحلام حلقت بي بعيداً فعشتُ أزماناً من الماضي . وحدثتُ أرواحاً كانت تفصل بيننا البحار والمحيطات .
فتذكرت حسوراً صَنعت تأريخاً وجسور أنقذت مدن .. وقاربت قلوباً فتعانقت .
فشدني الحنين إلى الماضي المتعدد فكان الجسر الذي إمتدَّ من أجل النصر.. جسر العبور .
حين صنعوه أبطال من نسيج أرواحهم ليرفوا راية النصر . ويُخلدهم التأريخ .
وتذكرتُ قصة قرأت عنها وشاهدت أثارها بين قصرين لعاشقين يخترق النهر بينهما
في زمن لا وجود للأنترنت .. فلم يسعف حُبهما إلا جسراً شيد بينهما ليلتقيا فيرسما قصة حب عميقة ..فسُميّ جسر العاشق ..
فهناك جسورا شُيدت لتغير الأماكن وأختصار الوقت .. لكن أعظم الجسور تلك التي شُيدت بين العقول والأرواح والأفكار والقلوب والذات .. فإنها جسور لا تنقطع .
عماد أبو السعود : فلسطين / ماليزيا
Discussion about this post