Views: 2
العنوان : الصفحة البيضاء
حين تتنقل إناملي فوق الأحرفِ .. ينتابني الحنين إلى براءتي التي سرقت حين كُسرت دميتي .. كم من قصة حُلمٍ معها كانت سعادتي ورسمت قصيدة بأدمعي حين فقدت عُلبة ألواني .. أحدثكم عن روح الحياة التي لا تتكرر ولن تعود تلك السنين
تلك السنوات مثل نهرٍ جاري عذب مشربه .. نقي تذوقهُ .. والبراءة مصدره .. عن عالم يُطلق عليه ينبوع الحياة . عن عالم أحلامهُ لا تتجاوز الألعاب .. وورقة بيضاء وألوان تخطف الأبصار .. وحلوى ترسم الفرح على الوجوه .. وتلك الشقاوة يأخذها النعاس على يد الحنان لتصنع لها حُلماً ليوم جديد .
مازلت أحتفظ ببعض ضحكات طفولتي ونغمات من أناشيدها التي تجعلني أتمايل طربا .. وحين أنهي رقصتي تأخذني أمي لتقرأ رُقية المساء ..
عالم صغير خلا من شوائب الحياة مثل قطرة ندى صافية تداعب الأشجار صباحهُ مُبتسم وليلهُ هادئ غير مثقل الهموم . عنوانهُ البراءة وشقاوته العفوية ..
عالم يعتريه الروح الطاهرة بعيد عن كل النوايا والأهداف .. صباحهُ إبتسامة ومسائهُ دفء وحنين بين أحضان الأم .
صفحة بيضاء من عمرنا نحمل لها كل أنواع الورود ونرسم الإبتسامات على الوجوه من أجل رمشة عين طفل لا يبكي .. الطفولة عالم أنتصر ببرائته المطلقة فدعونا نرسم لهم طفولة تخلو من هموم الكبار وشوائب الحياة .
سرقني الموضوع إلى قبل سنوات حين قدمت مهرجان للطفولة في دمشق الجميلة لأطفال أختبأوا بحقيبتهم المدرسية .. خوفا من فقدانها مع .. وحين طلبت من الرسم رسموا على أرواقهم مشاكل الكبار حروب ودمار وبيوت تنهار وأصعدت دخان .. وورقة لخارطة مكبلة بأسلائك شائكة .. وشدني طفلا واسع العينين حين رسم رجل ملقى على الأرض منضوب بالدماء .. وقد كتبَ على لوحته بخط الدموع والحرمان أنه أبي .. أيقنت إننا خلعنا ثوب البراءة ورسمنا على وجوهنا القساوة وأحرقنا تلك الصفحة البيضاء . فقلت في خلجات صدري نحن نزرع الورد ليُسر الناظرين وهدايا المُحبين .. فأين نحن من أزهار الطفولة .. تأريخنا البريء وصفحتنا البيضاء في عالم لن يتكرر .. فأين من يقول …
يا قطعت حلوى كانت في عمري وحملتها معي لغدي .. يا صفحة البيضاء يغار منك البدرِ . أنتِ عطر الورد أشتاق لعبيرها كلما أثقل الزمان همّي .
عماد أبو السعود : فلسطين / ماليزيا
Discussion about this post