Views: 4
(طرائف لغويَّة)
ـ بين الرّياشيِّ وأحمد بن يحيى ثعلب ـ
أخبر أحمدُ بنُ يحيى ثعلب، قال: قدِم الرّياشيُّ بغدادَ سنةَ ثلاثين ومئتين،
فصرتُ إليه لآخذ عنه، فقال لي: أسألكَ عن مسألةٍ؟ فقلتُ: نعَمْ، فقال:
تجيز: (نِعْمَ الرَّجُلُ يقومُ)؟ فقلتُ: نعَمْ, هي جائزةٌ عند الجميع. أمَّا الكِسائيُّ
فيُضمِرُ، والتَّقديرُ عنده: (نِعْمَ الرَّجُلُ رجلٌ يقومُ)؛ لأنَّ (نِعْمَ) عنده فِعلٌ،
والفرَّاءُ لا يُضمِرُ؛ لأنَّ (نِعْمَ) عنده اسمٌ، فيرفع الرَّجلَ بـ(نِعْمَ)، و(يقومُ)
صِلةٌ للرَّجل، وأمَّا صاحبُك يعني سيبويهِ، فإنَّه لا يُضمِر شيئًا، و(نِعْمَ) عنده
أيضًا فِعلٌ، ولكنْ يجعلُ (يقومُ) مترجمًا وهو الَّذي يُسمُّونه البدَلَ، فسكت،
فقلت له: فأسألك عن مسألة؟ فقال: نَعَمْ. فقلتُ: أتجيز: (يقومُ نِعْمَ الرَّجلُ)؟
فقال: جائز، فقلتُ: هذه خطأٌ عند الجميع. أمَّا على مذهب الكِسائيِّ، فإنَّه لا
يُولي الفعلَ فعلًا، فأمَّا على مذهب الفرَّاء فإنَّ (يَقومُ) عنده صِلَةٌ للرَّجُلِ،
والصِّلَةُ لا تقدَّم على المَوْصول، وأمَّا على مذهب سيبويهِ صاحبِكَ، فإنَّه
لا يجوز لأنَّه ترجمة، (بدل) والتَّرجمة إيضاحٌ وتببينٌ للجملة الَّتي تتقدَّمُها،
ولا يجوز تقديمُها عليها. فقال: أنا تاركٌ للعربيَّة، فخذ ما قصدتَ له،
ففاتحته أيَّام النَّاس والأخبار والأشعار، ففُتِحَتْ به بسَيْحِ بحرٍ.
(معجم الأدباء لياقوت الحموي ج2 ص548)
محمد عصام علوش
26/2/2022م
Discussion about this post