Views: 12
عودة إلى روايتي التي طال أمرها … قيْد الطبع :
الريـف 23 نوفمبر 2018 ليلة ظهور مريم
كانت الحيـاةُ حـزينـة غـيـرَ أنـه كان حُـزنـًا اعـتياديـًّا قـد ألِـفـه آسـر ولم يعُـد يُبالي بـه؛ بل لـقـد أصبحَ الأمـرُ طـقسًا من طقـوس وقائعه النفسيَّة مع الحياة ، هل تـُصدِّقني حينما أقـول لك إنَّ عذوبة هذا النوع من الحُزن كان مفتاح أريحيَّته وانطلاق خياله ؟!، نعم، كان ذلك، لكنك لا تستطيع أبـدًا أنْ تـقـارن بين هذا النوع من الحزن وذلك الذي حلَّ يوم رحلت مريم خمسةَ أشهُرٍ فـظنَّ آسـر أنها قـد نسيته ! ، أنت لا تستطيع أنْ تفعل ذلك !، أتدري لمَ ؟؛ لأنك ستعجز عن تصوُّر تلك الحالة التي عاشها آسـر وهو يقضي هذه الأشهر مؤمنًا أنـه لن يراها مـرَّةً أُخرى ،لا يقدر أحدٌ على صناعة عاقبةٍ في خياله إزاء بعض القضايا إلاّ إذا وُضِعَ بجـوفها، ساعتها سيعرف كيف هو عـقله في التعامل معها وكيف هو قـلبه أمام ذلك الذي يـجـده واقعًا لا خيالاً، نحـن لا نؤمن بالبشر يا صديقي ، فالإيمان لا يكون إلاّ بالإلـه الواحد ، أما البشريُّ فلك أنْ تصنع منه صنمًا؛ ولكنك إن لم تُحـطِّمه في ذات يومٍ فهو في نـفسه قابل لذلك ؛ أما الأرواح فهي تلك التي لا تفنى ولا تموت؛ لأنها خالدةٌ بجوهر النفس الإنسانية التي هيَّأ لها الـقـدرُ أنْ تـراها ، فلمَّا رأتـها سوَّغت لها أن تخـتـرقها ، أتدري لمَ نحُـرِّم على كـلِّ من يـعتـدُّ بذاته أن يسمح لهذه الذات بالاختـراق مِن قِـبَـلِ آخـر إلا في هذه الحالة ؟، لأنـه هناك يـُعَـدُّ ضعفًا مناقضًا لقاعدة الإباء، أما هنا فهو إذن للنور أن يَـحُـلَّ بالأجساد الفانية .
لأنها كانت مريم ؛ فقد كان لها منَ القُدرة أن تفعل ذلك ، ولك أن تـقـول إنها هي مَن قامت بالأمر ، ولك أن تـذهـب إلى أنـه هو مَنْ أراده، وبكلِّ حالٍ فهذا ألذُّ ما جـرى له عـبـرَ تـاريخـه ، وشتَّان ما بين الجمال ولذَّة الجمال !
إنَّ الجمال يراهُ كلُّ أحد يقدر على رؤيته، غيـر أنـه ليس بإمكانك أن تصلَ إلى لذَّتـه إلاّ إذا تـذوَّقـتـه، وقـد كان ذلك، أتدري كيف ؟ ؛ كان بخضوعه لها وانحطام كِـبرِهِ جوار رقَّتها وتواضعها وإيمانها، كان كلَّ شيءٍ في معناه تضعضعُ المعاني المتأبية على زوال الكُفر أمام الإيمان، ربما كان هذا التعبير هو أصدق ما يمكن أن يوصلَ إلى العقول ذلك المعنى .
لا تسل عن آسـر ، إنـه هناك ، هناك في لـيـلات الخـريـف الـثـلاث، ما زال مقيَّدًا مأسُورًا بحبائـل سُمُـوِّ الحكايـة ، وربما تـعجـز آلهة الإغـريـق عن مؤازرته ليحارب ذلك الحصار ؛ فآسر لا يـريـد أن يفارق ذلك الأسر !
ها هنا يقف الثالث والعشرون من نوفمبر عام 2018 ، وها قـد شاء ربُّ الحكاية أن تبدأ …
للحديث تتمة
Discussion about this post