Views: 2
لغتنا الجميلة
في الشعر .. قواعده و أحكامه
البحث السادس عشر
في الفصاحة و البلاغة
كنا تحدثنا في البحث السابق عن موضوع البلاغة
و نتكلم اليوم عن موضوع الفصاحة
في الفصاحة :
يقول الامام فخر الدين الرازي :
اعلم ان الفصاحة ..
خلوص الكلام من التعقيد ،
و أصلها من قولهم :
أفصح اللبن ، اذا أخذت عنه الرغوة .
و يقال أفصح الصبح ، اذا انكشف و بدا .
و كل واضح مفصح .
و يزعم بعضهم .. أن البلاغة في المعاني ،
و الفصاحة في الألفاظ
و يستدل بقولهم :
معنى بليغ و قول فصيح .
و الكلام الفصيح
هو اللفظ الحسن المألوف في الاستعمال ، بشرط أن يكون معناه المفهوم منه صحيحا حسنا .
ومن المستحسن في الألفاظ
تباعد مخارج الحروف
فان كانت بعيدة المخارج ، جاءت الحروف متمكنة في مواضعها ، غير قلقة و لا مكدودة .
ومن الأمثلة على تقارب المخارج و قلق الحروف كقول بعضهم :
و قبر حرب بمكان قفر … و ليس قرب قبر حرب قبر
فلا يستطيع قارئ هذا البيت أن يقرأه عشر مرات متتالية ، الا أن يقع في الغلط بالقراءة . ذلك أن القرب بين المخارج يجعل النطق به صعبا .
جاء في معجم لسان العرب ” لابن منظور حول البيان : ”
و البيان :
ما بُيـــِن به الشيء من الدلالة .
و بان الشيء بيانا .. اتضح فهو بيــِّنٌ ، و الجمع أُبَيْــناء ، مثل هين : أُهـَـيْنـاء
و كذلك أبان الشيء فهو مبين الفصاحة . .
و البلاغة : او البـَلْغ و البِـلْغ :
البليغ من الرجال .
و رجل بليغ :
أي حسن الكلام فصيحه ، يبلغ بلسانه كنه ما في قلبه ، و الجمع بلغاء
و قال خالد بن صفوان :
هو اصابة المعنى ، و القصد الى الحجة
و قيل :
قلة الكلام و ايجاز الصواب
…
و الفصاحة
هي غير البلاغة ..
والبلاغة
أن تأتي المعنى بأقل الألفاظ –
قال معاوية لصُحار بن العباس العبدي :
ما هذه الفصاحة فيكم عبدالقيس ؟ .
قال :
شيء يختلج في صدورنا فتقذفه ألسنتنا ، كما يقذف البحر الزبد .
قال :
فما البلاغة عندكم ؟ .
قال :
أن نقول فلا نخطئ ، و نجيب فلا نبطئ .
ثم قال :
أقلني يا أمير المؤمنين .
قال :
قد أقلتك .
قال :
لا تبطئ و لا تخطئ .
قال أبوحاتم :
استطال الكلام الأول ، فاستقال ، و تكلم فاوجز .
….
و من الأمثلة على البلاغة :
و قفت امرأة على قيس بن سعد بن عبادة ، فقالت :
أشكو اليك قلة الجرذان . قال :
ما أحسن هذه الكناية ! .. املؤوا بيتها خبزا و لحما و سمنا و تمرا .
….
قيل لشبيب بن شيبة عند باب الرشيد :
كيف رايت الناس ؟ . قال :
رأيت الداخل راجيا ، و الخارج راضيا ,
…
و أمر هارون الرشيد جعفر البرمكي ، أن يعزل أخاه الفضل من الخاتم ، و يأخذه اليه عزلا لطيفا . فكتب اليه :
قد رأى أمير المؤمنين أن ينقل خاتم خلافته من يمينك الى شمالك .
فكتب اليه الفضل :
ما انتقلت عني نعمة صارت اليك ، و لا خصتك دوني
……..
ونظر أعرابي الى رجل سمين . فقال :
أرى عليك قطيفة من نسج أسنانك .
..
قال رجل للعتابي :
ما البلاغة .؟
قال :
كل من بلغك حاجته ، و أفهمك معناه ، بلا اعادة و لاحبسة ، و لا استعانة ، فهو بليغ . قالوا :
قد فهمنا الاعادة و الحبسة ، فما الاستعانة .؟ .
قال :
أن يقول عند مقاطع كلامه :
اسمع مني ، و افهم عني ، أو يمسح عثنونه ، أو يفتل اصابعه ، أو يكثر التفاته من غير موجب ، أو يتساعل من غير سعلة ، أو ينبهر في كلامه .
و قال الشاعر :
مليء ببهر و التفات وسعلة … و مسحة عثنون ، و فتل أصابع
…..
سئل بعضهم عن الشعر فقال :
ما لم يحجبه شيء عن القلب .
و قال الأصمعي :
الشعر ما قل لفظه ، وسهل و دق معناه ولطف ، و الذي اذا سمعته ، ظننت أنك تناله ، فاذا حاولته ، وجدته بعيدا ،
و ما عدا ذلك فهو كلام منظوم .
و قال بعض البلغاء :
الشعر عبارة عن مثل سائر ، و تشبيه نادر ، واستعارة بلفظ فاخر .
و قال حسان بن ثابت :
وان أحسن بيت أنت قائله … بيت يقال اذا أنشدته صدقا
و قال احمد شوقي :
و الشعر ان لم يكن ذكرى و عاطفة… أو حكمة ، فهو تقطيع و أوزان
و قال حسان بن ثابت أيضا :
و انما الشعر عقل المرء يعرضه … على البرية ان كيسا و ان حمقا
…..
خالد ع . خبازة
اللاذقية
عن عدد من كتب التراث
Discussion about this post