Views: 2
(طرائف لغوية)
ـ بين أبي جعفر النَّحويّ ابن قادم وميمون بن إبراهيم ـ
روى أبو جعفر النحويُّ قال: وجَّه إليَّ إسحاق بن إبراهيم المصعبيُّ يومًا،
فأحضرني ولم أدر ما السَّبب، فلمَّا قربتُ من مجلسه تلقَّاني ميمون بن
إبراهيم كاتبُه على الرَّسائل، وهو على غاية الهلع والجزَع، فقال لي
بصوتٍ خفيٍّ: إنَّه إسحاق، ومرَّ غيرَ متلبِّثٍ حتى رجع إلى مجلس إسحاق،
فراعني ذلك، فلمَّا مثلتُ بين يديه قال لي: كيف يقال: وهذا المال مالٌ، أو
هذا المال مالًا؟ قال: فعلمتُ ما أراد ميمونُ، فقلتُ: الوجهُ مالٌ، ويجوز
مالًا، فأقبل إسحاق على ميمون يغلِّطه، وقال: الزمِ الوَجهَ في كُتُبك ودَعنا
من يجوز ويجوز، ورمى بكتابٍ كان في يده، فسألتُ عن الخبر فإذا ميمونُ
قد كتب إلى المأمون وهو ببلاد الرُّوم عن إسحاق، وذكر مالًا حمله إليه:
“وهذا المالُ مالًا” فخطَّ المأمونُ على الموضع في الكتاب، ووقَّع بخطِّه
على الحاشية: تخاطبُني بلَحْنٍ؟ فقامت القيامةُ على إسحاق، فكان ميمون
بعد ذلك يقول: لا أدري كيف أشكر ابنَ قادم، أبقى على روحي ونعمتي.
(معجم الأدباء لياقوت الحموي ج5 ص2545)
فتأمَّلْ يارعاك الله نباهة المأمون، وتضلُّعه من اللُّغة العربية، وسرعة
غضبه من اللَّحن فيها، وكيف أنَّ الغلط ولو بكلمة واحدة كان كفيلًا
بالإزراء بصاحب اللَّحن وبقطع رزقه.
محمد عصام علوش
8/1/2023م
Discussion about this post