Views: 9
همى الشوق
همى الشوقُ من غيمٍ على الصبِّ فاشتدَّا
به العشقُ حتّى التاعتِ الروحُ وانشدَّا
مشاعرُهُ سنَّتْ حوافَ نصالِها
وتشحذُ سيفَ القربِ كي تقتلَ البُعدا
بهِ نطَقَتْ كلُّ الحواسِ، لسانُها
إذا ارتاحَ مجرى شكرِهِ يسلكُ الحمدا
ويدعو بجنحِ الليلِ ربَّاً يغيثُهُ
بصيْبٍ من الطاعاتِ يسقي بها وَجْدَا
ويروي ثرىً للقلبِ قد جفَّ عودُه
يفتِّحُ غرسُ الروحِ من شوكِهِ الوَردا
يشدُّ هوى قلبٍ بغصنِ حنينِه
وتقصدُ روحُ الصبِّ مع زهرهِا نَجْدا
وتسكنُ حتّى لا تعودَ رحالُها
فمن يرجُ لُقيا بالهوى يسكنِ الوعدا
لمكَّةَ سار الدربُ وارتحلتْ مُنىً
ليدركَ ذا المشتاقُ مِن حزنِهِ السَّعدا
تهلَّلَ وجهٌ من صبابةِ عشقِهِ
وعانقَ بالعينين والقلبِ ما ودّا
وراحَ إلى البيتِ العتيقِ يطوفُهُ
يسابقُ فيهِ الشوقُ ذا الكعبَ والقدَّا
ويبحثُ في المسعى يدققُ منهكاً
خطىً من رسولِ اللهِ في موضعٍ رَبْدا
يذاكرُ من حبرِ السِّنينِ كتابَها
وفصلاً به ذا الدينُ من جذرِهِ امتدَّا
وبينَ شعابِ الليلِ ضاءتْ نجومُهُ
وفي شُعبِ أيامٍ بمكّةَ قد هدَّى
وأطيافُ دهرٍ من صحابتِهِ بها
أزاحتْ وهادَ الظُّلمِ إذ عمَّقوا الحدّا
فخيرُ صحابِ الأرضِ مع خيرِ مرسلٍ
وقد لمَّ شملَ الخيرِ مَن شتَّتَ الإدّا
على عرفاتِ .. الطهرُ ظلَّ بمائهِ
ليغسلَ مشتاقاً أتى طائعاً عبدا
يطهِّرُ روحَ الناسِ ممَّا يشوبُها
يعيدُ لطُهْرِ المهدِ من قاربَ اللّحدا
فتعرجُ روحٌ للبقيعِ وأهلهِ
وتلثمُ في وجهِ السَّماءِ لهم خدّا
كرامُ النفوسِ الصِّيْدُ من خيرِ عترةٍ
فكم ذللَّوا صعباً بخطبٍ إذا اشتدّا
وصحبٌ كماةٌ من ضياغمِ أمةٍ
يموتونَ دونَ العهدِ ما أخلَفُوا العهدا
وفي روضةِ المختارِ يا قلبُ خلِّني
ليغتالَني الشوقُ الذي ساقَني فَردا
فأُسلمُ روحاً لا مكانَ يجيرُها
كأمنعَ من ذاك الحِمى في الدُّنا نجدا
إليهِ الهوى والقلبُ والروحُ تنتمي
ومن هَديهِ عقلُ الورى يبلغُ الرُّشدا
ألم يرَ ذو عقلٍ بأرضٍ شعاعَهُ؟
فكم رغمَ ضوءِ الشمسِ صابَ العَمى حشدا!
محمد عايد الخالدي /الأردن
Discussion about this post