Views: 0
من أسماء الله الحسنى اسمُ العدْلُ ، وهو اسمٌ من أسماء الصفات ، والله يتّصف بالكمال ، فهو عادلٌ تمام العدلِ ولا يمكن تصوّر النقص في عدل الله أو في أيّ صفةٍ مِنْ صفاته
ولقد دلّنا الله على عظمته بما تستوعبه عقولنا ، وهذا من كمال العدل ، إذْ ليس من العدل أن يهبنا عقولاً لا تستوعب ما دلّنا عليه ، لأننا في رحلةٍ امتحانٍ مُسْتَتْبعةٍ بالمحاسبة فإمّا الثواب وإمّا العقاب ، وعلى هذا المبدأ كان رفعُ التكليف عن الطفل والمجنون
وعليه نقول : إنّ المُلحِدَ لا يستطيع أن يدّعي أنَّ عقله لا يستوعب وجود خالقٍ عظيمٍ ، كما أنّ الكافر لا يستطيع أن يدّعي أن عقله لا يستوعب فكرة التسليم للربّ العظيم ، وكذلك حال المشرك لا يستطيع أن يدّعي أن عقله لايستوعب وحدانيّة الله وأنّه لا معبودٌ بحقّ سوى الله الذي لم يلد ولم يولد ، وبالتالي فإنَّ انحرافهم عن الفطرة التي فطرهم الله عليها هو انحرافٌ إراديٌّ وليس انحرافاً جبريّاً ، فعقابهم على هذا الانحراف يكون تحت مظلّة العدل ، ولا حُجّةَ لهم يوم القيامة إنْ لم يتداركوا أمرهم قبل أن تبلغ أرواحهم الحلقوم
ويحضرني في هذا المقام أن أتحدّث عن مفهوم الحق بين البشر في تعاملاتهم وخاصةً عند وقوع خلافٍ ماديٍّ أو معنويٍّ فأقول : لا يوجد إنسانٌ يسلبُ حقّ غيره إلّا وهو مُدركٌ للحق الذي انحرف عنه ، ولكنه يُغمضُ عين عقله عن مشهد الحق ليظهر له الجانب الذي يرضيه في هذا الانحراف ،،، قد يغيب عنه مشهد الحق بشكلٍ مؤقت بسبب عامل الغضب أو عامل الكراهية للخصم أو عامل الحاجة أو عامل الطمع أو عامل الانتقام ، إلّا أنّ هذه المشهد لا يلبث إلّا أن يظهر أمام عينه واضحاً جلياً في لحظةِ وقفةٍ مع الذات ، لكنّه يستمر في انحرافه وهنا يكون للإرادة الحرة الدور في قرار أكل الحق لكي لا يكون له حجّةٌ أمام عدالة الله يوم الحساب
الّلهمّ اجعلنا ممّن يلتزمون بالحق ويعملون لتحقيقه ، ولا تَكِلْنا إلى نوازع النفس الأمارة بالسوء ، ولا تجعلنا من الذين تأخذُهم العِزّةُ بالإثم
الدكتور وائل عبد الرحمن حبنّكة الميداني
Discussion about this post