Views: 10
مَا وَرَاءَ الغِيَابِ[1]
في شعر توفيق أحمد
قصيدة قرى تشبه المدن (نموذجاً)
محمد شريف سلمون
إنّ ممّا يلفتُ الانتباه عند التّتبّع الدّقيق للدّراسات التي تناولّتْ ثنائيّة الحضور والغياب في المنجزِ الأدبيّ، يكشفُ- ومن دونِ أدنى شكٍّ- أنّ الأعمّ الأغلبَ من تلك الدِّراساتِ، قد تناولتْ شعراءَ بعينهم من دونِ غيرِهمْ، دراساتٍ تعتمدُ ذات المنهج والقضايا، حتّى باتتْ تقليداً لا طائلَ منه، ورصفاً للكلام؛ اتّكاءً على جهودِ الآخرين من الدّارسين والباحثين والنّقادِ في الغرب، ومن دون الإشارة لذلك ولو تلميحاً في إشارةٍ إلى ما قام به الدّكتور صلاح فضل..!!.
ولعلّ نتاج شاعر الأرضِ المحتلّةِ الشاعر الفلسطينيّ محمود درويش، كان محورَ تلكَ الدّراسات وما يزالُ.. مع الإشارة- هنا- إلى دراساتٍ على قدرٍ من الأهمِّيَّةِ، تناولت آخرين من شتّى العصور الأدبيّة..
إلّا أنّ درويش ظلَّ محورَ التّناولِ؛ لذرائعَ شتّى يرميها الدّارسون والباحثونَ والنّقادُ- جزافاً- أهمّها- حسبَ زعمِهِمْ- طبيعةُ نصوصِ محمود درويش التي واكبتْ أحداثَ تشرّدِ الشّعبِ الفلسطينيِّ، ومحاولاتِ طمسِ هويّتِهِ، باجتثاثِهِ من أرضِهِ وتاريخِهِ، وما إلى ذلك..!.
ونحنُ فيما نعرضُ إليه لا ننكرُ أنَّ شعر محمود درويش يمثّل أهمَّ منعطفٍ في تاريخ الشّعر الحديث والمعاصر، ولكنّنا نرى أنّ أعمالَ محمود درويش- فيما يتعلّق بقضيّتي الحضورِ والغيابِ- تحديداً- وغيرها من القضايا- قد نالتْ ما تستحقُّ من الدّراسةِ، حتّى إنّنا لَنكاد نجزمُ أنْ لا جديد يتوخّى من تلكَ الدّراسات التي تحاولُ- فيما تحاولُهُ- أنْ تأتي بالجديد، ولكنْ سرعانَ ما تقعُ في شَرَكِ التّقليدِ والاتّباعِ والتّكرار والاقتباساتِ التي تدورُ في فلَكٍ واحدٍ وتنغلق عليه، ذلك الجديد المحتمل الذي تجاوزَهُمْ إليهِ دارسون سابقون وقد أحاطوهُ دراسةً..!!.
وتأسيساً على ما تقدّم لا تريدُ هذه الدِّراسةُ أنْ تخوض غمار ظاهرة الحضور والغياب في المنجز الأدبيّ تفصيلاً، ولا أنْ تستوعب في طيّاتها جميع مَنْ تناول تلكَ الثنائيّة من الباحثين والدّارسين والنّقاد؛ لعدمِ إمكانيّةِ الاستقصاءِ الشّاملِ، من جهةٍ، ولأنَّ كثيراً من تلك الدِّراساتِ كان تكراراً واستعراضاً لدراساتٍ أخرى سابقةٍ، من جهةٍ ثانيةٍ، وقد يكون مسوّغ ذلك هو إشكاليّة هذه الظّاهرة (جدليّتها) من حيث المصطلح والمفهوم والتّطبيق في النّقد الأدبيّ، أو لاعتباراتٍ أخرى تتعلّق بطبيعة- اختلاف- الفكر والثقافة..!.
غير أنَّ التَّركيزَ قد تمَّ على تناول ظاهرة الغياب دونَ الحضور، والاهتمام بتجلّيات تلك الظّاهرة في المنجز الأدبيّ السّوريّ، وبشكلٍ أكثر تحديداً: بغياب (الفواعل الشّعريّة) في قصيدة: (قرى تشبه المدن) من قصائد مجموعة: (أكسرُ الوقتَ وأمشي)، وهي أوّلُ مجموعةٍ صدَرَتْ للشّاعر السّوريّ توفيق أحمد عام 1988م، وذلكَ عبر قراءةٍ تفكيكيّة، رغبةً- منّا- في متابعةٍ جدّيّةٍ للفيلسوف والنّاقد الفرنسيّ- الجزائريّ- جاك دريدا رائد التّفكيك، الذي اعتمدَ في مشروعِهِ على الفلسفةِ الظّاهراتيّة، متأثّراً بكلٍّ من إدموند هوسرل ومارتن هايدغر وجورج فيلهلم فريدريش هيغل.
إنّ ما نطلقُ عليه- نحن- (الفواعل الشّعريّة) مصطلحٌ خاصٌّ بالسّرد الرّوائيّ والقصصيّ يُطلَقُ عليه (الفواعل السّرديّة)، تناوله مؤسِّس السيميائيّات البنيويّة ألخيرداس جوليان غريماس في كتابه: (سيميائيّات السّرد)، مستوحياً إيّاه من أعمال كلود ليفي ستروس؛ لتحليل الفاعلين، أو ما يُطلِقُ عليه (العوامل)؛ وذلك انطلاقاً من لسانيّات فرديناند دي سوسير ويلمسليف وآخرين.
ولعلّ لتوظّيف الشّاعر السّوريّ توفيق أحمد لتقنيّات السّرد والخطاب القصّصيّ في نصّه الشّعريّ؛ ما يسوّغ لنا ما نتناوله في دراستنا، ذلكَ أنّ توظيف تلكَ التقنيّات بات اتجاهاً نزعتْ إليه القصيدة الحديثة، بل أصبح: “الصيغةَ المهيمنة عليها” كما يشير إلى ذلكَ الباحث النّاقد الدكتور هايل الطالب، وذلك في دراسةٍ له تناول فيها تجلّيات خطاب العشق في شعر توفيق أحمد، وهي دراسةٌ جديرةٌ بالاهتمام، وقد أفدنا منها في مَعرض ما تناولناه في دراستنا.
ولذلك فقد هَدفَتْ هذهِ الدّراسةُ- فيما هدفتْ إليه- إلى تبيانِ أهمِّ الأسباب التي تقف وراء استحضار الفاعل الشّعريّ، أو تغييبه، أو حتّى تهميشه في نصوص الشاعر السّوريّ توفيق أحمد؛ ولهذا فقد ركّزَتْ هذهِ الدِّراسة- بدرجاتٍ متفاوتةٍ- على غياب تلكَ الفواعل الشّعريّة وحضورها في قصيدة (قرى تشبه المدن)، وهي من قصائد مجموعة (أكسرِ الوقتَ وأمشي) الصادرة عام 1988م، والمثبتة في أعماله الشّعريّة بطبعتِها الثّالثة، من جهةٍ، وإذا ما كان ذلكَ التّغييبُ للفواعل مقصوداً (مُتَعَمَّدَاً) من قِبَلِه، أو غير مقصودٍ (غير مُتَعَمَّدٍ) من قِبَلِهِ، من جهةٍ ثانيةٍ..!.
وتالياً لما قد أشرنا إليه، كان من الممكنِ متابعةُ دراساتِ كلٍّ من الباحثين الدكتور صلاح فضل والدكتور حسين خمري والدكتور عبد العزيز حمودة، وغيرِهم، لكنَّ الدّراسةَ ستطولُ من دونَ فائدةٍ كبيرةٍ، ما دمنا نتّخذ من آراء وأفكار الباحث والمفكّر والفيلسوف جاك دريدا في- التّفكيك- منطلقاً، ومن مفهوم ألخيرداس جوليان غريماس- الفواعل السّرديّة- متَّكَأً؛ فإنّ ذلك يرسم- جليّاً- ملامح ما سنتناوله في هذه الدّراسة، وهو- تحديداً- ما نزعم أنّنا- ربّما- لم نسبقْ إلى دراسته في المنجز الأدبيّ (الشّعريّ)، وإنْ كان يبدو للنّاظر- للوهلةِ الأولى- أنَّ ما نطرحهُ هو قضيّةٌ بدهيّةٌ واضحةٌ بذاتِها، ولا تحتاجُ للدّراسةِ، وأنَّ الخوض فيها لا يعدو أنْ يكون من بابِ العبثِ النّقديِّ، أو التّنظير من دون طائلٍ، أو كما قد يراها آخرون مغامرةً نقديّةً فاشلةً؛ ولكنَّ الأمر- حقيقةً- على غير ما قد يبدو..!!.
مسوّغُ الاختيارِ:
إنّه لَمِنَ الطبيعيّ- جدّاً- أنْ يتسلّلَ إلى ذهنِ القارئِ، وعلى اختلافِ درايته واطلاعهِ، تساؤلاتٌ تدور في مجملِها حولَ مسوّغات الاختيار؛ سواءٌ أكان على صعيد اختيار الظاهرة موضوع الدّراسة، أو على صعيد اختيار الشاعر أو حتّى على صعيد اختيار النّصِّ..!.
ونحن إذْ نؤمنُ بمشروعيّة ذلكَ، فإنّنا آثرنا أنْ نَضعَ نفسنا مكانه (القارئ) ونقومَ- نحن- بطرح أكثرها جدوىً وأكثرها منطقيّةً، وذلك في إطار ما نحدسُ عليه ونتوقّعه..
ولعلَّ من أهمِّ تلكَ التّساؤلات: لماذا نتناولُ ظاهرةَ غياب الفاعل الشّعريّ، الظاهرةُ التي نزعمُ أنّنا- ربّما- لم نُسبقْ إلى دراستها في الشّعر، والتي قد تكون دُرِسَتْ ولكنْ لم يسلّط عليها الضوء بشكلٍ كافٍ؟ ولماذا وقع اختيارنا على تناول نصوص الشاعر السّوريِّ توفيق أحمد من دونِ غيرهِ من الشّعراءِ السّوريّين على أهمّيّةِ نتاجهم؟ وما الذي يبرِّرُ لنا اختيار قصيدةٍ من مجموعة: (أكسرُ الوقتَ وأمشي)- تحديداً- من دونِ سواها من سَبْعِ المجموعاتِ المثبتة في أعمالهِ الشعريّة بطبعتِها الثالثة[2] وعددها سبعُ مجموعاتٍ..؟ وما هو الباعث المسوّغ الذي يقف وراء هذا الاختيار..؟!.
ونجيب- هنا- وبوضوحٍ تامٍّ: إنّ تناولنا لظاهرةٍ قد تكونُ غير مألوفةٍ في الدّراسات النّقديّة للشّعر، يخرجنا من دائرة التّقليد المتمثّل بتطبيق قوالبَ معدّةٍ مسبقاً وإسقاطها على نتاج شاعرٍ ما، ذلك التّقليد المريب والمثير للدّهشةِ الذي اصطبغَتْ به الدّراسات النّقديّة (الأدبيّة)، في الآونة الأخيرة، ولاسيّما الأكاديميّة منها- على وجه الخصوص- والتي تناولت- تحديداً- ظاهرة الحضور والغياب..!!.
أمّا فيما يخصُّ وقوعَ اختيارنا على الشّاعر السّوريّ توفيق أحمد؛ فإنَّنا نقول وبكثيرٍ من الثّقةِ: إنَّ طبيعةَ نصوصِ الشّاعرِ الفكريّة والمعرفيّةَ والثقافيّةَ، وتجربتَهُ الأدبيّةَ والفنّيّة، من جهةٍ، وتوظيفه لتقنيات السّرد والخطاب القصّصي في مجملِ نصوصِهِ، والغموض (الإبهام) الذي يسيطر على ماهيّة الفاعل الشّعريّ فيها، من جهةٍ ثانيةٍ، أمران يوفّرانِ لنا شرط محاولة التّطبيق.
أمّا الباعثُ على اختيار قصيدة من مجموعةٍ من أعماله الشّعريّةِ من دونِ غيرهِ من الشّعراء، فهو صدورُ تلكَ الأعمال في حياتهِ، وبإشرافه واقتناعه، وبثلاث طبعاتٍ..!، وتلكَ قضية مثيرةٌ للجدل، تستحضر أمامنا ما قام به مالئ الدّنيا وشاغل النّاس أبو الطَّيِّبِ (المتنبي) من إثبات قصائدِهِ- أيضاً- في حياته، وبإشرافِه واقتناعِهِ؛ فأثبتَ ما شاء ونفى ما أراد.
إنّ إثبات توفيق أحمد لمجموعة: (أكسرُ الوقتَ وأمشي) في الأعمال الشّعريّة له من دونِ أي تعديلٍ في بنية النّصوص بعد مرورِ ثلاثة عقودٍ ونيّفٍ على صدورِها منفردةً.. أمرٌ قد يبرّر وقوع اختيارنا على إحدى قصائدها؛ لأنَّها تمثّلُ باكورة أعمالِهِ الشّعريّة وتعبّر عن تجربته الأولى المبكرة[3]، التي تمثّل وفق ما نرى فرادةً وغنىً قلَّ نظيرَهُما عند مقارنتِها مع باكورة أعمال شعراء آخرين، والتي عادةً ما تكونُ على قدرٍ من الخجلِ والاستحياءِ بدليل رجوع مجمل الشّعراء إلى مجموعتِهِم الأولى تنقيحاً وتعديلاً، حذفاً وإضافةً بعد فترةٍ من الزّمن، وإعادة طباعتِها من جديدٍ..
ومن ثمَّ فإنَّ مكانةَ توفيق أحمد الإنسانيّة التي تنطوي على أمرين هامّين هما: شخصيّته وطبعه، ومقدرته الفنّيّة: لغةً وأسلوباً (الإجادة)، أمرانِ يجعلانِ منهُ (أنموذجاً)، يستحقُّ التّعمّق في تجربته الشّعريّة التي تحمل ما تحمل من وعيٍ حادٍّ بالذّات، وبالدّور المنوط بالمثقف الواعي المتمرّد على السّائد في المجتمع- آنذاك- من فقرٍ وجهلٍ وتخلّفٍ وظلمٍ وقهرٍ وقيمٍ باليةٍ، أعلن توفيق أحمد رفضه لها باحثاً عن الخلاص عبر فسحةٍ من الأمل ارتبطت بالحلم الذي يتوق إلى تحقيقه مذ أعلنَ رحيله عن القرية؛ بحثاً عن الذّات تلبيةً لطموحٍ لا يحدّه مكانٌ ولا زمانٌ.
توفيق أحمد.. شاعرٌ طليعيّ، جمع في شعره الأصالةَ والمعاصرةَ والحداثة، ولا غرو- أبداً- أنْ يُطلقَ عليه الباحث النّاقد الدكتور هايل الطّالب لقبَ: (حارس الحَبَق)، وأنْ يُطلقَ عليه- أيضاً- الباحث النّاقد الدكتور غسان غنيم لقبَ: (بحتريّ الشّام)، وأنْ نطلقَ عليه- نحنُ- لقبَاً ينسجمُ وما يمتلكُ من المقوّمات- شاعراً وإنساناً- والتي تجعلُ منه- بما له وما عليه: (متنبّي هذا الزّمان)، وهو القائل:
كأنّني المتنبّي حمصُ سيَّدتي
ولن أَرُدَّ لعينيها أنا طلبا
وأنّني المتنبّي هذهِ حَلَبي
وغِمدُ سَيْفي ولا تستأذنوا حلبا[4]
غيابُ الفواعل الشّعريّة:
إنّ مصطلح (الفواعل)[5] الذي نتناوله في دراستنا، هو مصطلحٌ- أشرنا إليه في معرضِ التّنويه- تناوله مؤسِّس السيميائيّات البنيويّة ألخيرداس جوليان غريماس في كتاب: (سيميائيّات السّرد)، انطلاقاً من لسانيّات فرديناند دي سوسير ويلمسليف وهو مصطلحٌ خاصٌّ بالسّرديّات السيميائيّة، مستوحياً إيّاه من أعمال كلود ليفي ستروس؛ لتحليل الفاعلين (العاملين)..
وبالرّجوع إلى معجم المصطلحات الأدبيّة المعاصرة نجد أنّ الفاعل مصطلحٌ يحيل على العديد من المعاني لعلَّ أكثرها ارتباطاً بما نرمي إليه هو أنّ الفاعل: “تسميةٌ تطلقُ في الاصطلاح الكلاسيكيّ، على الشّخصيّة القصّصيّة”[6].
“ويعني (الفاعل) عند (غريماس)، الوحدة الخفيّة، لظهور المضمون في إدراكِهِ كدعامةٍ تندمج فيها مسنداتٌ أخرى، وتمثّل هذه الوحدةُ شخصاً/ موضوعاً…إلخ”[7]، حيثُ: “يتفرّع (الفاعل) عند (غريماس)، إلى ستّة عناصرَ: الفاعل والموضوع/ الباعث والمتلقّي/ المساعد والمعارض”[8].
وقد تناول ألخيرداس جوليان غريماس مصطلح (الفواعل) في معرضِ تناوله لمقولةِ: (الظّاهر/ الكينونة)، الذي يقصد به (الشّخصيّات)، التي يجب النّظر إليها بموقفِها في القصّة- وهو منظورٌ سيميائيٌّ-، ونسقطه- نحن- على القصيدة؛ ليغدو النّظر إلى موقف الشخّصيّات (الفواعل) داخل القصيدة؛ فهي تشارك نفسيّاً، وليس وجودها من باب الإكمال أو العبث، بل لوظيفةٍ محدّدةٍ أو كمعادلٍ موضوعيٍّ أو- قناعاً- تتخفّى خلفه ذات المبدع، أو ما يمكن أنْ نطلقَ عليه بتعبيرٍ أكثر دقّةً: (الذّات المقنّعة)، أو ما يُطلقُ عليه غريماس: (لعبة الأقنعة)، تلكَ اللعبة التي تلتقي في مضمونِها مع مصطلح: (الفاعل الشّعريّ) الذي نتناوله في دراستنا، حيثُ: “قد تختفي الذّات خلفَ ستارٍ يوحي به الشّاعر إلى أمرٍ محدَّدٍ يتعلّق بجانبٍ من شخصيّتِهِ…”[9].
ولـمّا كان الفاعلُ الذي يمثّل: “الكائن، أو مجموعة الكائنات التي يُسلّطُ عليها الضوء، أو التي يتمُّ الدّفع بها نحو الصّدارة أو المقدّمة”[10]، والتي قد يعمد المؤلِّف إلى تغييبها لأسبابٍ قد تتعلّق بالحالةِ النّفسيّة التي قد ترتبط بالخوف أو القلق، وتفرض عليه اللجوء إلى التّغييب والتّهميش لذاته، عبر استحداث فواعل يتخفّى خلفها هو، أو يخفي بعضها حسب مقتضى الحالة النّفسيّة- كما أشرنا-.
ولـمّا كانَتْ: “السّردية تتحكّمُ في كلِّ خطابٍ مهما كان نوعه”[11] كما يرى الباحث الدكتور محمد المفتاح.. وهي كما يراها الباحث النّاقد الدكتور وليد العرفي قد اتّسع مجالها الذي: “لم يعدْ مقتصراً على فنّيّ الرّواية والقصّة، بل امتدّ ليشمل كلَّ ما هو محكيٌّ”[12]، وكانَتْ (السّرديّة) كما يشير الباحث الدكتور هايل الطالب: “لا يقتصر وجودها على الأجناس الأدبيّة فقط، وهي تخضع في كلِّ جنسٍ أدبيٍّ، وفي كلّ فنٍّ للقوانين البنيويّة لذلكَ الجنسِ أو الفنِّ. ويبدو أنّ وجودها في أجناسٍ أدبيّةٍ بعينها، هو وجودٌ متحرّكٌ متغيّرٌ يخضع للتّطوّر والتّغيير”[13]، ذلكَ أنّ: “بحثَ الشاعر العربيّ المعاصر عن وسائل وأدوات تعبيريّة جديدة كان من المعالم الهامّة التي دفعت الشّعر العربيّ إلى طريق الحداثة”[14]، إثر تعرّفه: “على تقنيّاتٍ جديدةٍ في القصيدة الحديثة، كالمونولوج الدّرامي أو القناع، والمرايا…”[15]، ولاعتباراتٍ كثيرةٍ على قدرٍ طيِّبٍ من الأهمّيّةِ، عرض لها الباحث النّاقد الدكتور هايل الطالب تفصيلاً في دراسته، يرى أنّ القصيدة العربيّة الحديثة- بناءً على تلك الاعتبارات- اندفعتْ إلى: “طريق السّرد والخطاب القصّصيّ، ولم يَعُدِ السّرد يقتصر على بعض مقاطع القصيدة، بل أصبح الصّيغة المهيمنة على القصيدة…”[16].
فإنّ ما أطلق عليه ألخيرداس جوليان غريماس (الفواعل السّرديّة) في القصّة والرّواية، لا بدّ وأنْ يقابله مصطلح (الفواعل الشّعريّة) في الشّعر، وهو ما يبرّر لنا استعارة هذا المصطلح، من جهةٍ، وتوظّيف الشّاعر توفيق أحمد لتقنيّات السّرد والخطاب القصصيّ، إذِ: “استفاد من تلك التّقنيّات، وحاول توظيفها في نصّه الشّعريّ”[17]، والغموض الذي يسيطر على ماهيّة الفاعل الشّعريّ في نصوصهِ، ذلك الغموض الذي يحتاج تأويلاً دقيقاً لكشفهِ، الغموض الذي يتمثّلُ بكونهِ: “طبيعة خطابٍ (لغويٍّ أو أيّ نظامٍ دالٍّ)، يملكُ عند متلقّيه، أكثر من معنىً، ويستحيلُ عليه تأويلهُ بدقّةٍ”[18] و”يفترضُ إعلانَ خبرٍ، من قبلِ باعثِهِ، وضوحَهُ، ما دامَ يبلغُ معنىً واحداً، إلّا إذا كانَ باعثُ الخبرِ، يرغبُ في توصيلِ معانٍ مختلفةٍ”[19] من جهة ثانيةٍ، يبيحُ لنا ما نخوض غماره في شعر توفيق أحمد..!!.
إنّ البحث في غياب الفواعل الشّعريّة ظاهرةٌ تستحقُ البحث في تجلّياتها في المنجز الأدبيّ، سواءٌ أكانَتْ أسلوباً يتّبعُهُ المبدعُ أم كانَتْ عفو الخاطر- وهو ما نرفضه-، أو كانتْ تندرج تحت ما يسمّى الخوف من سطوة الآخر الذي يرفض النّهوض ويقف عائقاً مناهضاً لأيِّ محاولةٍ لذلك، بل ويسعى إلى ترسيخ السّائد من فقرٍ وجهلٍ وتخلّفٍ وظلمٍ وما إلى ذلك..
ثمّ إنّ ميادين ظاهرة الحضور والغياب والعلاقة بين طرفي هذه الثنائيّة، باتَتْ من شواغل النّقد الأدبيّ، وهي على كثرة الدّراسات التي تناولَتْها ما تزال مقتصرةً على التّقليد والاتّكاءِ على جهود الآخرين من الباحثين والدّارسين والنّقاد، من دون محاولة التّأصيل وفق منهجٍ له محدّداته وقوانينه المانعة الجامعة، التي وفقها لا تتشابه بنية دراسة الظواهر في خطوطها العامّة، بل وفي أدقِّ تفاصيلِها حدَّ التّماثل..!!.
ويظلُّ الميدان لدراسةِ أيّةِ ظاهرةٍ في المنجز الأدبيّ على اختلاف الجنس موضوع التّناولِ فسيحاً؛ لكنْ على ألّا يكون من باب العبثِ والاستسهالِ في التّناول والبحث لمجرّد البحث، بل يجب أنْ يكون البحث لغاية الكشف عن جديدٍ وفق تصوّراتٍ منطقيّةٍ، ومحاولة التّأصيل ما أمكن ذلكَ، لا أنْ يكون دوراناً في فلكٍ واحدٍ والانغلاق عليه في الشّكلِ والمضمون.
ما وراءَ الغيابِ في نصِّ: (قرى تشبه المدن):
يخفي النّصُّ- فيما يخفيه- صراعاً داخليّاً يعيشه توفيق أحمد ولا يرغب التّصريح به، يرتبط بتعلّقه بقريته التي تعيشُ فيه، ورفضه للحياة في المدينة، أو لنقل: إنّه مرغمٌ على الرّحيل عنها، عبرَ رحلةٍ دقَّ القدرُ ناقوسَ موعدِها، ولِنقُلْ- وبكلّ بساطةٍ-: إنّها رحلةُ توفيق أحمد التي أعلنَها- شابّاً- بحثاً عن الذّاتِ، وسعياً في سبيل تحقيقِ الطّموحِ، ورسمِ ملامحِ الآتي بنفسه..
الآتي الذي يحتاج التّضحية، تلكَ التّضحية المتمثّلة بالرّحيل خارج حدود القرية بما تمثّله من خصبٍ ونقاءٍ وهدوءٍ، نحو المدينة بما فيها من التَّشتُّتِ والضّياع والضّجيج، مرغماً في سبيل تحقيق حلمه المنشود الذي خرجَ من أجله..!.
وبالولوج داخلَ عتبات النّصّ، نلقى حواراً يبدأ على لسان (الرّيح)، التي تذيع وصيّة (الأفق) للمسمّى (الانتظار المؤجّل) المعبّر عن: (اللارجوع)، سواءٌ أكان الانتظار مؤقّتاً أم دائماً، حيث يمثّل كلٌّ من: (الريح-الانتظار المؤجّل- الأفق) فواعل مساعدةً في النّصّ، ثمّ نجد توفيق أحمد يلتفتُ بضمير المتكلّم إلى (ضيعتِه) إلى أنْ يصلَ إلى: (وجهاً- طريداً-) مخاطِباً (ضيعتَه)، وهنا نلحظ- وبوضوحٍ تامٍّ- غياب الفاعل الشّعريّ المركزيّ في النّصِّ، والتّصريح بالأصل الملغى (وجهاً)، الذي جاءَ بصيغةِ النّكرة غير الدّالة على معيّنٍ، وبصفته (طريداً) التي تشخّصه وهي، أيضاً، جاءَتْ بصيغة النّكرة، وهذا الوجه لا يُعرف إنْ كان طريداً (ملاحقاً) من قِبلِ (الليل) كرمزٍ للخوف متمثّلاً بالظلمةِ، باعتبار حذف الشَّرطتين، أو أنّه بإثبات الشَّرطتين من الليل (جزءٌ منه) على اعتبار أنّ الليل متعدّد الوجوه كتقسيمٍ مرتبطٍ بالزّمن..!!.
ربّما يقصد توفيق أحمد (الفجر)، أو ربّما قد يكون ذلكَ الوجه- كما نرجّح- هو وجه توفيق أحمد نفسه، الذي أعلن الرّحيل من القرية إلى المدينة ورفضه الرجوع إليها؛ إلى أن يحقّق ذاته وما يطمح له، والمرتبط- قصراً- برحيله إلى المدينة، فالوجه الذي: (سينام- يبكي- يُسائلُ- يمشي- يُطلقُ)، لا يمكن أنْ يكون جزءً زمنياً من الليل، فالليل أو أيّ جزءٍ منه لا يقوم بالأفعال التي تمثّل (معاناةً)، والتي نسبها توفيق أحمد لنفسه إنْ فرضنا ذلك..
إذاً فاعليّة الوجه متحقّقةٌ، ولكنْ لا تُدرَكُ ماهيّته التي عمد توفيق أحمد إلى تغييبها متعمّداً؛ ليغدو (وجهاً) قناعاً[20] يتخفّى- هو- خلفه، والوجه هنا هو الحاضر المجسّد للغياب، غياب ذاتِ توفيق أحمد بقصدٍ منه..
أليسَ توفيق أحمد نفسه من: (سينام- يبكي- يُسائلُ- يمشي- يُطلقُ)، بل أكثر من ذلك أليس توفيق أحمد هو من: (يطلقُ أغنيةً للرّحيل)، ذلكَ الرّحيل الذي أسبغ عليه توفيق أحمد صفة: (الطّويلُ) ملحِقَاً بها توكيداً لفظيّاً: (الطويلْ)، وما يوحي به التّوكيد من الإصرار والتّصميم على الرّحيل، رغمَ رفضِ الذّات له، وتمسّكها بالذّكريات..!.
الرّحيل الذي أعلنه حاملاً ذكريات قريته متّجهاً نحو المدينة، ولن ينتهيَ إلّا عند تحقيق طموحٍ كان الرّحيلُ من أجله، ولكنّ الحنين لقريته- التي تعيشُ فيه- لا ينفكُّ يطاردهُ..
إنّ الرّحيل هو الفاعل المؤثّر في تغيّر حياة توفيق أحمد، باعتبارهِ المعبَر الموصِلَ لإثباتِ الذّاتِ والسير في دربِ الطّموحِ نحو تحقيق الحلم، يقول:
قالتِ الريحُ للإنتظارِ المؤجَّلِ:
أوصانيَ الأفْقُ
أنْ أطردَ الرعب والزمنَ الباردَ الأعصُرَ الماجنهْ
كلُّ ذاك التّوحش في الروح ماضٍ
والمهاميزُ بالعشق تأتي ولا ريب فيها
ضيعتي يا لهيباً من الرفض في العمق
يا خطوطاً من الوحل تنساب في الجلد
تغفو على جسدٍ رافلٍ بالبروق
إنّ وجهاً – طريداً – من الليل يا ضيعتي
سينام على سرر القشِّ
في الزمن العاصف
سوف يبكي على نفسِهِ
ويُسائلُ عن عزة العرشِ
كلَّ شقوق الجبال وكلَّ الكهوفِ
وكلَّ المغاراتِ
يمشي بقنديله الخافتِ الضوءِ
يُطلقُ في سَقْطةِ الروح
أغنيةً للرحيلِ الطويلِ الطويلْ[21]
في سبيل الختام:
إنَّ الولوجَ في عالمِ توفيق أحمد الشّعريِّ، واكتناه نصوصِهِ أمرٌ بالغُ الصّعوبة- بمكانٍ- لاعتباراتٍ عدّةٍ، لعلَّ من أهمِّها رصيدُ الشاعر المعرفيِّ والثقافيّ، وقدرته على تطويع اللغة وفقَ مشيئتِهِ لا عن عبثٍ، بل عن درايةٍ ومعرفةٍ وتمكّنٍ وإتقانٍ.
ولعلَّ سمةَ التّخفّي التي يعمدُ إليها في معظمِ نصوصِهِ تدلُّ- فيما تدلُّ عليه- على دراية توفيق أحمد بقواعد اللعب التي أشار إليها جاك دريدا، أو لنقُل فنَّ إخفاء الذّات عبر أقنعةٍ رسم ملامحها هو وبإتقانٍ، فالاختفاءُ خلفَ فواعلَ هي في ظاهرِ النّصِّ فواعلُ، لكنَّها في الحقيقةَ نقيضُ ذلكَ، فهي لا تعدو أنْ تكونَ سوى أقنعةٍ يتخفّى بها توفيق أحمد، ويمعنُ في الخفاءِ عبر نسيجٍ لغويٍّ متماسكٍ وبنيةٍ دلاليّة عميقةٍ تتآزر في تشكيل المعاني..
إنّ محاولة القراءة والتأويل نحو التّفسير للنّصِّ الأدبيّ الإبداعيّ- الشّعريّ-، أمرٌ يتطلّب المجازفةُ، فقد لا يكون ما قمنا بتأويله وتفسيره محطَّ قبولٍ، وقد يلاقي ما سيلاقيه من الرّفض، فما رأيناه في نصوص توفيق أحمد التي عرضنا لها، قد يترتّب عليه احتماليّة الإصابة في مكانٍ، أو الخطأ في أماكن أخرى، ويبقى الباب مفتوحاً لتأويلاتٍ وتفسيراتٍ لا محدودةٍ، ما دامَ المعنى الصّواب دفيناً في قلبِ الشّاعر..!!.
توفيق أحمد.. الشاعر الذي تربّى على شدوِ صوتِ إلقائهِ للنّصِّ الشّعريّ أجيالٌ متعاقبةٌ، ذلكَ الشّدو الذي يبعث ما يبعثه في الرّوح من شجنٍ، هو لغزٌ لا يتأتّى لأيٍّ كان، حالُه تماماً كحالِ كلِّ نصٍّ من نصوصه في الأعمالِ الشّعريّةِ له، والتي تحتاج الوقوفَ على كلٍّ منها وقوفاً حمّال أوجهٍ، باتّخاذ الشّكِّ والتّقليب وصولاً لمقاربةِ المعنى الذي يرمي إليه توفيق أحمد، وإنْ لم نستطعْ مقاربته، فنكونُ قد حاولنا.. وفي المحاولِةِ شرفٌ ما دامت في رحابِ شاعرٍ، رسمَ حدودَ مدرستِهِ في قول الشّعر، فلم يكن صورةً عن غيره، بل كان صورةً عنه هو، صورةٌ حاملها الإبداع بكلِّ ما للكلمةِ من حدودٍ وأبعادٍ، ورائدها الإنسانيّة..
وإذا كان محمود درويش يمثّل أهمّ منعطفٍ في تاريخ الأدب الحديث والمعاصر، فإنّ توفيق أحمد لا يقلُّ شأناً عنه في عصرنا هذا، وإنْ كان لم يُعطَ حقّه كاملاً في الدّراسةِ والبحث، ولاسيّما أكاديميّاً سواءٌ أكان ذلكَ إغفالاً أو إهمالاً، ففي الحالين هو تقصيرٌ لا تبريرَ منطقيّاً له..!.
المصادر والمراجع:
1- الأعمال الشّعريّة: توفيق أحمد- دار بعل- دمشق- ط3- 2021م.
2- تحليل الخطاب الشّعريّ استراتيجيّة التّناص للدكتور محمد المفتاح- المركز الثقافيّ العربيّ- الدّار البيضاء- المغرب- 1985م.
3- تحوّلات القصيدة بينَ الشّعريّة والسّرديّة مأساة النّرجس ملهاة الفضّة لـ (محمود درويش أنموذجاً)- الدكتور وليد العرفي- دراسة- مجلة جيل الدّراسات الأدبيّة والفكرية- مركز جيل البحث العلمي- بيروت- لبنان- العام السادس- العدد50- مارس- 2019م.
4- خطاب العشق بين مكابدات العاشق والفعل السّردي (الأعمال الشّعريّة لتوفيق أحمد نموذجاً)- الدكتور هايل الطالب- قراءة نقديّة- مجلّة الموقف الأدبيّ- اتحاد الكتاب العرب- سورية- العدد523- تشرين الثاني- 2014م.
5- سيميائيّات السّرد: أ. ج. غريماس- ترجمة وتقديم الدكتور عبد المجيد نوسي- المركز الثقافي العربي- الدار البيضاء/ المغرب، بيروت/ لبنان- ط1- 2018م.
6- الشّعر وأنماطه في الأعمال الكاملة للشّاعر توفيق أحمد- الدكتور غسان غنيم- قراءة نقديّة- مجلّة الموقف الأدبيّ- اتحاد الكتاب العرب- سورية- العدد522- تشرين الأوّل- 2014م.
7- علاقات الحضور والغياب في شعر الفرزدق: الدكتور محيي الدّين المسدّيّ- أطروحة لنيل درجة الماجستير بإشراف الدكتورة سمر الدّيوب- جامعة البعث، سورية- غير منشورة- 2012م.
8- قاموس السّرديّات: جيرالد برنس- ترجمة: السّيّد إمام- ميريت للنشر والمعلومات- القاهرة- ط1- 2003م.
9- معجم السّرديّات: محمد القاضي وآخرون- الرابطة الدوليّة للنّاشرين المستقلّين- ط1- 2010م.
10- معجم المصطلحات الأدبيّة المعاصرة: عرض وتقديم وترجمة الدكتور سعيد علّوش- دار الكتاب اللبناني- بيروت- لبنان- سوشبريس- الدار البيضاء- المغرب- ط1- 1985م.
11- معجم المصطلحات العربيّة في الأدبِ واللغة- كامل المهندس ومجدي وهبة- مكتبة بيروت- ط2- 1984م.
[1] عنوان دراسةٍ أفردنا لها كتاباً يحمل ذات الوسم، تناولنا فيه ظاهرة غياب الفواعل الشّعريّة في شعر توفيق أحمد تفصيلاً في: (مجموعة أكسر الوقت وأمشي)، والكتاب تحت الطّبع ليرى النّور في وقتٍ قريبٍ وما نعرضه هو مقتطفٌ من الكتاب.
[2] تجدر الإشارة إلى أنَّ الأعمال الشّعريّة للشاعر توفيق أحمد صدرَت بطبعتِها الأولى عام 2014م، وبطبعتِها الثانية عام 2016م، وبطبعتها الثالثة عام 2021م والأخيرة هي الطّبعة التي تمّ اعتمادها- توثيقاً- في دراستنا.
[3] إذْ كتبَ توفيق أحمد أول نصٍّ من نصوصِ مجموعة: (أكسر الوقتَ وأمشي) وكان لم يبلغ بعدُ السّنة الثانية والعشرين من عمره.
[4] الأعمال الشّعريّة: توفيق أحمد- مجموعة جبال الرّيح- رسالةٌ إلى امرأةٍ جميلةٍ- ص321.
[5] للاطلاع والتّوسع في فهم المصطلح: انظرْ كتاب سيميائيّات السّرد: أ. ج. غريماس- ترجمة وتقديم: الدكتور عبد المجيد نوسي- الباب الثاني- الفصل الثّالث- ص145 إلى ص170.
[6] عرض وتقديم وترجمة الدكتور سعيد علّوش: المصدر نفسه- ص165.
[7] عرض وتقديم وترجمة الدكتور سعيد علّوش- المصدر نفسه- ص165.
[8] عرض وتقديم وترجمة الدكتور سعيد علّوش- المصدر نفسه- ص166.
[9] الدكتور محيي الدّين المسدّيّ- المرجع نفسه- ص131.
[10] قاموس السّرديّات: جيرالد برنس- ترجمة السّيّد إمام- ص68.
[11] تحليل الخطاب الشّعريّ استراتيجيّة التّناص: الدكتور محمد المفتاح- ص130.
[12] تحوّلات القصيدة بينَ الشّعريّة والسّرديّة مأساة النّرجس ملهاة الفضّة لـ (محمود درويش أنموذجاً): الدكتور وليد العرفيّ- ص12.
[13] خطاب العشق بين مكابدات العاشق والفعل السّردي (الأعمال الشّعريّة لتوفيق أحمد نموذجاً): الدكتور هايل الطالب- ص155
[14] الدكتور هايل الطّالب: المرجع نفسه- ص156.
[15] الدكتور هايل الطّالب: المرجع نفسه- ص156.
[16] الدكتور هايل الطّالب: المرجع نفسه- ص156.
[17] الدكتور هايل الطّالب: المرجع نفسه- ص156-157.
[18]
Discussion about this post