Views: 0
الحصّةُ التي أصبحْنا نحبّْها
===================
نحنُ نغرقُ ليسَ لأنَّنا لا نجيدُ السّباحةَ و لكنْ لأنَّنا لا نسبحُ…
هكذا قالَ لنا مدرِّسُ الفلسفةِ
في الحصَّةِ الغافيةِ بينَ الحصص
صديقي همسَ في أذني:
أبي يسبحُ من الفجرِ حتى الغروبِ
و……..يغرقُ آخرَ الشَّهر
طأطأتْ صديقتي الّتي تصنعُ الدُّمى بينَ الحصص
كتبَتْ على ورقة
ها أنا أغرقُ بينَ الخيطانِ
أمِّي سبَّاحةٌ ماهرةٌ
لكنَّها كلَّ يومٍ تغرقُ في نهرٍ غيرِ عذب
قبلَ أن يغرقَ أخوتي الصِّغارُ في جبِّ الجوعِ
الطَّالبُ العبقريُّ الّذي يتابعُ كلَّ حركةٍ و سكنةٍ للمعلِّمين وشوشَني للمرَّةِ الأولى:
والدايَ غرقَا في الموتِ منذ أمدٍ بعيد
لستُ أدري إنْ كانَا يجيدانِ العومَ
لستُ أدري
ربَّما غرقا حينَ رفضَ عمِّي أنْ يمدَّ لهما قشّةً
لكنَّ أختي ماهرة،
تصنعُ لنا قواربَ النَّجاةِ على عينِ الأمل
فيما تغرقُ هي في يأسِها
زَمَّتْ طالبةٌ عصبيَّةٌ شفتيها
نقرَتْ بالقلمِ على مقعدِها المتحرِّكِ
هرَبَتْ منْ حراسةِ جأشِها دمعتان
رسمَتْ في الهواءِ
يدًا ممدودةً للفراغِ و طفلةً معدمةً تنتظرُ شاطئًا ترسو عليهِ بقدميها
لكنَّهما ظلَّتا معَ الوقتِ
تغوصان شيئًا فشيئًا في دوَّامةِ اللاحركة
انتبَهَ المدرِّسُ لضياءاتِ الوجوه
فجأةً كبرَ ليصبحَ معلِّمًا
فتحَ النَّوافذَ
مدَّ رأسَهُ خارجَ سجنِه
صرخَ:
أعطونا بحرًا نستطيعَ السِّباحةَ فيه…
Discussion about this post