Views: 0
لغتنا الجميلة
في البديهة.. و الارتجال :
يعتبر الكثير من أهل الصناعة أن البديهة هي الارتجال و ليست به ،الا
أن البديهة فيها الفكرة و التأيد.
و الارتجال ما كان انهمارا و تدفقا ، لا يتوقف فيه قائله.
و اشتقاق البديهة .. من بده ، بمعنى بدأ .. أبدلت الهمزة هاء , كما أبدلت في أشياء كثيرة .
و الارتجال مأخوذ من السهولة و الانصباب . و منه قيل :
شعر رجل ، اذا كان سبطا مسترسلا غير جعد .
و قيل :
هو من ارتجال البئر ، وهو أن ينزلها المرء راجلا من غير حبل .
فالارتجال :
و هو ما وقع للفرزدق ، و قد دفع اليه سليمان بن عبدالملك ، أسيرا روميا ليقتله ، فدفع احدهم اليه سيفا كهاما فنبا في يده ، فضحك سليمان ، فقال مرتجلا و يعير بني عبس بنبو سيف ورقاء بن قيس برأس خالد بن جعفر :
فان يك سيف خــــان أو قدرٌ أبى … لتأخير نفس حينها غير شاهــــد
فسيف بني عبس و قد ضربوا به … نبا بيدي ورقاء عن رأس خــالد
كذاك سيــــوف الهند تنبو ظباتها … ويقطعن أحيانا منـــاط القلائــــد
و لو شئت قط السيف ما بين أنفه … الى علق دون الشراسيف جاسد
ثم جلس و هو يقول :
و لا نقتل الأسرى و لكن نفكهم … اذا أثقل الأعناق حمل المغارم
و كالذي يروى عن أبي الخطاب عمرو بن عامر السعدي الملقب بأبي الأسد ، و قد انشد موسى الهادي شعرا مدحه به يقول فيه :
يا خير من عقدت كفاه حجزته … و خير من قلدته أمرها مضر
فقال له موسى :
الا .. من يا بائس !
فقال واصلا كلامه و لم يقطعه :
الا النبي رسول الله ان له … فخرا ، و أنت بذاك الفخر تفتخر
ففطن موسى و من كان بحضرته أن البيت مستدرك ، و نظروا في الصحيفة فلم يجدوه ، فضاعف صلته
و كان أبو نواس سريع البديهة و الارتجال ,
و يقال ان أبا نواس لما وفد على الخصيب قال له ممازحا و هما بالمسجد الجامع :
أنت غير مدافع في الشعر ، و لكنك لا تخطب .
فقام من فوره يقول مرتجلا :
منحتكمو يا أهل مصر نصيحتي … ألا فخذوا من ناصح .. بنصيب
رمـــاكم أمير المؤمنين بحيـــــة … أكـــــولٍ لحيـــات البلاد شروب
فان يك باقي سحر فرعون فيكم … فان عصا موسى بكف خصيب
ثم التفت اليه و قال:
و الله لا يأتي بمثلها خطيب مصقع ، فكيف رأيت .؟
فاعتذر له و أنه ما كان الا مازحا .
و نذكر في هذا المجال أبا الطيب أمام سيف الدولة عندما كان ينشد قصيدته ” وا حر قلباه ممن قلبه شبم ” و لما رماه سيف الدولة بدواة كانت في يده فارتجل هذا البيت :
ان كان سركم ما قال حاسدنا … فما لجرح اذا أرضاكم ألم
و يقال ان مسلم بن الوليد ( صريع الغواني ) ، هو نظير أبي نواس ، لا يبتدِه و لا يرتجل الا أن أبا نواس قهره بالبديهة و الارتجال .
و سيكون لنا بحث في البديهة ان شاء الله
……
خالد ع . خبازة
اللاذقية
عن عدد من كتب التراث
Discussion about this post