Views: 3
وَشَهِدَ شاهِدٌ مِن أهلِها ….
إلى من يقولون أنَّ الإسلامَ انْتَشرَ بِحَدِّ السَّيفِ…
ترجمتي للصفحة رقم ١٥٦ من كتاب “حضارة العرب” للمؤرخ الفرنسي جوستاڤ لوبون والصادر في عام ١٨٨٤.
واقع الأمر أنه ما كان أيسرَ من أن يَغتَرَّ العربُ المُسلمون بما كان قد تحققَ لهم من انتصارات وفتوحات ويتعاملوا بغلظة وخشونة مع كل من كان لا يدين بالإسلام وَيُجبروهم على الدُّخول في الإسلام بالقوة، ذاك الدِّينُ الذي تَمنُّوا نشر قِيمَهِ وَ مبادئهِ السَّمحة في شتى أرجاء الأرض. لكنَّ هذا لم يحدث مِن أحدٍ منهم على الإطلاق. والحقُّ أنَّ الخلفاءَ المسلمين الأوائل، والذين كانوا يمتلكون حنكة ودراية سياسية ولا أروع قلَّما نجدها عند أتباع الديانات الأخرى، قد فَطنوا منذ البداية إلى أنَّ كلًّا من الدِّين وما يرتبطُ به من نسقٍ فكريِّ وَقيميِّ لا يُمكنُ لهما بأي حال من الأحوال أن يجريَ الاعتناق لهما بِحَدِّ السَّيفِ وإجبار الناس على فعل هذا الأمر قسرًا. وَمِن ثمَّ، فإننا وَجدنا المُسلمين الأوائل يُعاملون أهل البلدان التي فتحوها وسيطروا عليها سيطرةً كُلِّيَّةً في الشام، مصر والأندلس بكل احترامٍ وتقدير وَمراعاةٍ لمشاعرهم كما رأينا. فقد حدثَ وأن سمحوا لهم بعد الفتحِ بِتطبيق قوانينِهم وأعرافهم والحفاظ على طُقوسهم العقائدية وَلمْ يفرضوا عليهم أيَّ شيءٍ سوى الجزية، والتي كانت عبارةً عن مبلغٍ زهيد للغاية لا سيما إذا ما قورنت بما كانوا يضطرون إلى دفعه من ضرائبَ باهظةً من قبلُ في مُقابل أمنهم وأمانهم. وَالحقُّ يُقالُ أنه وعلى مرِّ التاريخِ الإنسانيِّ كلهِ لم تعرف لا الأممُ ولا الشعوبُ غزاةً فاتحينَ أكثرَ سماحةً من المسلمين، كما أنها لم تعرف دينًا أكثرَ تسامحًا وَتفهُّمًا واحترامًا للآخرَ وَمُعتَقَداتهِ من الدِّينِ الإسلاميِّ.
محمد إبراهيم الفلاح
مصر
Discussion about this post