Views: 0
الشام عشقي
خذني إليكَ , فقلبي بات مهجورا
كلُّ الحقائق في عمري غدت زورا
جرحي عميقٌ , وأحلامي محطَّمةٌ
وهذه الأرض مادت فيَّ تكفيرا
أنادم الحزنَ ناياً ملّ من قصبٍ
فعاد من نفحات الوجد مكسورا
يا أنتَ , يا وطناً في الروح تسكنني
كم كنتُ في قفص الأوهام عصفورا
لم تعطِ للروح أفْقاً , كي تطير به
فمات حرفي على الشطآن مأسورا
عتّقتُ عشقكَ في كأسي فأثملني
وإذ صحوتُ, وجدتُ العشق مغدورا
نزفتُ كُرمى ليالي قاسيون دمي
وفي المقاهي بكيت الشعر مدحورا
ما بالها الشام أخفتْ حزنها ؟ ونأتْ
تجاهلتني , فغصّ الدمع مقهورا
أشاحت الوجه عن صبٍّ أباح لها
عمراً شقيّاً , بحبّ الشام ممهورا!
أوّاه من بردى ! ينسى أحبّته
وطائراً فوقه , كم بات مسحورا !
دم الشرايين من أمواهه , فمتى
جفّت دِمايَ , أتاني النهر مذعورا
ضوعٌ لأعطاره في النفس منتشرٌ
كياسمينٍ إذا ما ضمّ منثورا !
والشمس ترسلني للغوطتين ندىً
أُقبّل السرْوَ في الأرجاء , والدّورا
حمائم الأمويّ الآن قد هدلتْ
بروض قلبي , فهام الشعر معذورا
حتى الحجارة في الحارات تذكرني
ما زال وقْع خُطى العشاق محفورا
( بباب توما ) نسيتُ القلب من ولهٍ
وقيل لي في الهوى ما زال معمورا
على الكنائس ناقوساً أُنصّبه
وفي المآذن صلّى الفجرَ تكبيرا
ليلايَ أنتِ , وكم ليلى تعاتبني
فغيرة الحبّ لا تحتاج تبريرا !
يا شامة الروح , كلّ الغيد تعبرني
وأنتِ وحدكِ تمحين التصاويرا
يظلّ وجهكِ قدّيساً , يرافقني
ليشفيَ القلب , أو يهدي له النورا
فكيف تنكرني من عشتُ أعشقها ؟
وكيف يحتاج هذا العشق تفسيرا؟
هاتي يديكِ وضمّيني , فلست أنا
من قد يخون , إذا أخطأتِ تقديرا
ولستُ أخشى إذا ما كنتِ فاتنتي
في حبّكِ اليوم فرعوناً , وكافورا
فلْيصلبوني مسيحاً , خانه زمنٌ !
إذا وشى بيْ يهوذا , زدتُ تطهيرا
يا شام عودي , فهذا الهجر أرهقني
وباركيني , كفاني عنكِ تهجيرا
ذنبي بأنّي رسولٌ , دون معجزةٍ !
فلْتعــــــذريني إذا أبديت تقصيرا
آمنتُ أنّكِ ربُّ القلب شامتنا
إنْ كان ذنباً , فذنبي صار مغفورا
عبد الكريم سيفو – سورية
Discussion about this post