Views: 0
بصمات فرح
استيقظت فرح في الصباح قلقة، المناسبة التي كانت تنتظرها موعدها اليوم، لم تجد شيئا مميزا لتقدمه في المساء.
دخل حمزة غرفته و هو يتمتم بعبارات تدل على التذمر، أغلق الباب حتى لا يلاحظ ما به أحد.
ثم دخل محمد بعد قليل و حاله أيضا لا تسر، كل شيء يأتي أمامه يقذفه بقدمه أو يده، يفرغ غضبه دون أن يعير أهمية للأشياء التي يقذفها.
تنهدت فرح و أخذت نفسا عميقا و سألت نفسها: يا ترى هل تصرفاتهما أيضا لأنهما لم يجهزا شيئا؟
طرقت باب غرفتهما و طلبت منهما التحدث في باحة البيت، سألت حمزة: مابك يا أخي؟
حك رأسه قليلا ثم أجاب بصوت خجول: تمزقت الطائرة الورقية التي اشتريتها قبل أن أستمتع بها وهي تطير عاليا، تشابكت خيوطها مع أسلاك كهرباء الحي و لم أفلح في إرجاعها.
و أنت يا محمد ما بك؟
اتكأ محمد على الحائط وأشار إلى أخيه الأكبر قائلا: أصدقاؤك يتكلمون عن فشلك في جعل الطائرة تحلق، لم أحتمل كلماتهم، كنت أريد أن ألكم فم كل من أساء إليك لولا وصية أمي بعدم الشجار مع الآخرين، وأنا في داخلي متأكد أيضا أن اللكمات القوية التي سأصوبها لن تسكتهم.
فكرت فرح قليلا و قالت: ما بالكما هل نسيتما مناسبة اليوم ، وقفت بينهما وشوشت في أذن كل منهما، خجلا من نفسيهما، ثم طبطبت على كتفهما قائلة: لا بأس حان الوقت لنصنع مفاجأة في حديقة الحي، فتحت فرح الحاسوب و دخلت على برنامج اليوتيوب، لحقها الأخوان، ليطلعوا على أفضل طريقة لتحليق الطائرة الورقية، وسجلوا القواعد واللوازم على الدفتر،
ذهن فرح الآن مليء بالأفكار المميزة، يجب أن تنتهي من صنع الطائرة مع إخوتها قبل حضور أمهم و أبيهم من العمل،
أحضروا قطعة النايلون كبيرة، و العيدان و العقد التي يدخل بها العيدان، و اللاصق وبكرة ملفوفة بخيط طويل جدا ومتين و أقلام التلوين و التخطيط من عند بائع القرطاسية، و استعانت بمتر الخياطة و المقص الموجود في غرفة أمهم.
بعد ساعتين تقريبا من العمل المشترك أصبح جاهزا، قاموا بإخفاء كل شيء و هم يضحكون، ثم ذهب كل منهم إلى غرفته ليرتبها و يحضر نفسه،
وقفوا عند الباب قبل حلول وقت دخول أبيهم و أمهم بعد انتهائهم من العمل، البشاشة تزين وجوههم أثناء الاستقبال، و مع دخولهما تقدمت فرح لتوقفهما وهي تفرد ذراعيها و تقول لهما: سنبدأ المساء في الحديقة، أمسكت بيد كل منهما وبدأت تشدهما إلى الخارج، وتحت إصرار الإخوة و رجائهم وافقا،
كان الاستغراب وتبادل النظرات مع الضحك واضحا على وجههما، لكنهما متيقنان أن هناك شيئا مختلفا مميزا جمعهم ، عندما وصلوا لمنتصف الحديقة، أخرجوا الطائرة من المحفظة، و وضعوا العيدان على العقد، تأكدوا من توازن خيط الطائرة، بللت فرح إصبعها بلعابها ثم رفعته عاليا لتحدد اتجاه الرياح و الجهة التي يجب أن تركض منها و ترفع من خلالها الطائرة، حمزة و محمد في الجهة المقابلة أحدهما يمسك الطائرة و الآخر يفرد ذيلها الطويل، لحظات تحبس أنفاس الجميع، هاهي تعلو و تعلو لتكون الطائرة كلوحة فنية تزين سماء الحديقة بعبارة
( لا يكفينا يوم للاحتفال بك
أنت من تزين قلوبنا و سمائنا
كل عام و أنت و كل أب بخير )
الأب يبكي فرحا وسط دهشته و دهشة الجميع.
بقلمي أحمد اسماعيل /سورية
Discussion about this post