Views: 0
(طرائـف شِعـريَّـةٌ في الإبـهـام)
الإبهامُ: هو أن يقول المتكلِّمُ كلامًا مبهَمًا يَحتمِلُ معنيين متضادَّين لا يتميَّز
أحدُهما عن الآخر، ولا يأتي في كلامه بما يحصل به التَّمييز فيما بَعدُ، بل
يقصد إبهامَ الأمر فيهما.
والإبهامُ مختصٌّ بالفنون كالمَديح والهجاء وغيرهما، ولكن لا يُفهَمُ من
ألفاظه مدحٌ ولا هجاءٌ بل يكون لفظُه صالحًا للأمرين.
ومثاله ما يُحكى من أنَّ بعض الشُّعراء هنَّأ الحسنَ بْنَ سهْلٍ باتِّصال ابنته
بالمأمون مع من هنَّأه، فأثاب الناسَ كلَّهم وحرمه، فكتب إليه إنْ أنتَ
تماديْتَ على حرماني، عملتُ فيك بيتًا لا تعلَمُ مَدَحتُك فيه أو هجوْتُك،
فاستحضره وسأله عن قوله، فاعترف، فقال: لا أعطيكَ أو تفعل، فقال:
بـــارَكَ اللهُ لـلـحَـسَـــنْ ولِــبــورانَ فـي الخـَــتَــنْ
يــا إمـام الهُـدى ظَفِـرْ تَ ولــكِــنْ بــبِــنْــتِ مَـن؟
فلم يُعلم ما أراد بقوله: (ببنتِ مَن؟) من الرِّفعة أو في الصِّغر؟ واستحسن
منه الحسن ذلك، وناشده: أسمعتَ هذا المعنى أم ابتكرتَه؟ فقال: لا واللهِ بل
نقلته من شِعرِ شاعرٍ مطبوعٍ كثيرِ العبَثِ بهذا النَّوْعِ اتفقَ أنَّه فصَّل قَباءً
عند خيَّاطٍ أعوَرَ اسمُه زيْدٌ، فقال له الخيَّاطُ على سبيل العبَثِ بهِ سآتيكَ به
لا تدري أقَباءٌ هو أم دُواجٌ؟ فقال له الشَّاعر: إنْ فعلتَ ذلك لأعملنَّ بيتًا لا
يعلم أحدٌ ممَّن سمِعه أدعوْتُ لك أمْ دعَوْتُ عليْكَ؟ ففعل الخيَّاطُ ، فقال
الشَّاعرُ:
خــاط لــي زيْـــدٌ قَــبــاءْ لَـيْـتَ عَـيْـنـيـهِ سَــواءْ
فما علم أحدٌ أنَّ الصَّحيحة تساوي السَّقيمة أو بالعكس.
(الختَن: مَن يكون من قِبَلِ المرأةِ أثناء زواجها كالأبِ والأخِ…
القَباء: ثوْبٌ يُلبَس فوق الثِّياب ويُتمنطَق عليه، وهو المعروفُ بالقنباز.
الدُّواج: المِعطفُ الغليظُ.
(خزانة الأدب وغاية الأرب لابن حجة الحموي/ جلد واحد ـ ص 178ـ
179بتصرف)
Discussion about this post