Views: 0
علامات الوقف في القرآن
_____________________
لقد استعرضت وعلى مدى عدة أشهر علامات الوقف في القرآن الكريم بمختلف أنواعها .
وألحقت بذلك الوقف الخطأ ، والخطأ في الابتداء أو الانتهاء .
وأطلت في ذلك متعمدا لأهمية هذا الباب وخطورته لمن يقرأ القرآن الكريم ، وخاصة من يقرأه متدبرا يربد أن يفهم .
وذكرت أن علامات الوقف هذه اجتهادية وليست توقيفية ،
فقد تتفق في مكان وتختلف في مكان حسب اجتهاد علماء القراءات في ذلك .
وقد رأيت أن اختم هذا الموضوع بمثال في كلمة واحدة هي
( سبحانه )
وكيف اختلف اجتهاد العلماء في علامة الوقف ،
وأثر قواعد اللغة في هذا الوقف .
(( ما كان لله أن يتخذ من ولد ( صلى ) سبحانه ، إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون )) مريم ٣٥
(( وقالوا اتخذ الرحمن ولدا ( قلى ) سبحانه ، بل عباد مكرمون )) الأنبياء. ٢٦
نرى أن علماء القراءات اختلفوا في علامة الوقف عند ( سبحانه )
_ في سورة مريم : ( صلى )
أي يجوز الوقف والوصل أولى
_ في سورة الأنبياء : ( قلى )
أي يجوز الوصل والوقف أولى
الوقف في الآيتين لنفس الكلمة يخضع لقاعدة لغوية تقول :
الضمير يعود لأقرب اسم له ما لم يحل دون ذلك حائل .
من قال بالوقف ومن قال بالوصل اجتهد في فهم هذه القاعدة اللغوية .
الفيصل في هذا الفهم هو :
على من تعود كلمة ( سبحانه ) لغويا في الآيتين ،
وهل يعود ضمير ( سبحانه ) في الآيتين إلى لفظ الجلالة :
( الله ) في الآية الأولى
( الرحمن ) في الآية الثانية
أم إلى كلمة ( ولد ) في الآيتين
حسب القاعدة اللغوية التي ذكرناها آنفا ؟
وبتطبيق هذه القاعدة اللغوية فإن الحائل موجود ،
وهو : لا يجوز أن تعود كلمة ( سبحانه ) للولد قطعا .
لأنها كلمة تنزيه لله سبحانه وتعالى ولا يصح أن تُصرف إلى غيره .
ومن هنا كان اختلاف المجتهدين من علماء القراءات .
_ الفريق الذي قال بالوصل في القراءة
اعتمد على أن القاعدة اللغوية تقول :
ما لم يحل دون ذلك حائل .
والحائل موجود ومعلوم وهو أنه لا يصح أن ينصرف الضمير في ( سبحانه ) إلى كلمة ( الولد ) ،
ومفهوم عقلا وعلما أنه ينصرف إلى لفظ الجلالة :
( الله ، الرحمن )
ولذلك فإن القراءة بالوصل لا لبس فيها فوضعوا علامة :
( صلى )
أي الوصل أولى لوجود الحائل الذي ذكرناه .
_ الفريق الذي قال بالوقف في القراءة
اعتمد على أنه ليس كل من يقرأ القرآن عالما باللغة ،
وكثيرون لا يعرفون هذه القاعدة اللغوية .
وتحرزا واحتياطا من الوقوع في وهم أن ينصرف الضمير في ( سبحانه ) إلى كلمة ( ولد ) لجهل القارىء بالقاعدة اللغوية ،
فقد وضعوا علامة الوقف :
( قلى )
من هنا نرى اختلاف علامات الوقف أحيانا بين طبعة وأخرى ،
وذلك لاختلاف وجهة نظر فريق عن آخر ،
وكلاهما مجتهد في فهم النصوص بناء على معطيات وحيثيات وليس عن هوى .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
مدحت رحال ،،
Discussion about this post