كرمةُ الشّعر / الشاعر حيان مصطفى هبرة

Views: 1

كَرْمَةُ الشِّعْرْ

مِنْ كَرْمَةِ الشِّعْرِ لا مِنْ كَرْمَةِ العِنَبِ
هاتِ اسْقنيها بِلا نَزْفٍ ولا لَغَبِ

هاتِ اسْقِنيها سُلافاً مِنْ مَنابِعِـها
مِنْ غَيْر كَأْسٍ ولا دَنٍ ولا قِرَبِ

دَعْني أُحَلِّقُ في أَجْوائِها ثَمِلاً
فالمَجْدُ ياشاعِري لِلشِّعْرِ والأَدَب

بِنْتُ البَيانِ تُنيرُ الفِكْرَ تُلْهِمُهُ
لا تَصْطَليهِ بِنارِ كَابْنَةِ العِنَبِ

شَتَّانَ شَتَّانَ بَيْنَ النّْورِ يُؤْنِسُنا
والنَّار تُصْلي الحَشا بالجَّمْرِ واللَّهَبِ

مِنْ كَرْمَةِ الشِّعْرِ نَضَّاحاً بِما رَحُبَتْ
بهِ قَوافيكَ مِنْ سِحْرٍ ومِن عَجَبِ

دَعِ القَوافي تُغَنّْي ما يَطيبُ لَها
روحي تَتوقُ إلى التَّغْريدِ والطَّرَبِ

ولاتَكُنْ سادِراً فيها وكُنْ لَسِناً
بلا غُلُوٍ ولا سَعْيٍ إلى لَقَبِ

وَرَتِّلِ الشِّعْرَ مَوْزوناً وَمُقْتَضَباً
بِلا سِنادٍ ولا حَشْوٍ وَلا طَلَبِ

وانْهَجْ بِجَوْهَرِهِ التَّجْديدَ مبتكراً
ماأجْمَلَ الشِّعْرَ في أثْوابِهِ القُشُبِ

وانْهَلْ بَلاغَةَ قُرْآنٍ يَفيضُ بِها
واقْرَأ بَديعَ فُحولِ الشِّعْرِ وانْتَسِبِ

وَكُنْ فَصيحاً حَصيفاً حاذِقاً فَطِناً
وشاعِراً عَبْقَرِياً في خِصالِ نَبي

وَقارِبِ الصِّدْقَ فيما أَنْتَ قائِلُهُ
فَأَسْوَأُ الشِّـعْرِ مايُبْنى عَلى الْكَذِبِ

وأعْذَبُ الشِّعْرِ ماوَشَّيْتَهُ صُوَراً
مِنْ وَحْي فِكْرٍ مَريـعٍ مُثْمِرٍ خَصِبِ

وَحاذِرِ الْعُجْبَ إِنَّ الْعُجْبَ مَهْلَكَةٌ
تُرْديكَ يا صاحِبي في شَرِّ مُنْقَلَبِ

وكُنْ كَما الذَّهَبِ الإِبْريزِ مُؤْتَلِقاً
ما كُلُّ بارِقَةٍ تُعْزى إلى إلذَّهَبِ

فالشِّعْرُ كالْعِلْمِ لَوْ أحْسَنْتَ صَنْعَتَهُ
يُغْنيكَ عَنْ حَسَبٍ وَلَّى وَعَنْ نَسَبِ

والشِّعْرُ أَصْدَقُ مَنْ يُنْبيكَ قاطِبَةً
في شَرْعِ أَهْلِ النُهى والسَّادَةِ النُّجُبِ

وَما أَصابَ الَّذي قَدْ قالَ مُعْتَقِداً
(السَّيْفُ أَصْدَقُ إنْباءً مِنَ الْكُتُبِ)

لَوْلاهُ ما غَرَّدَتْ يَوْماً حَناجِرُنا
ماقالَ عَنْتَرَةٌ مِنْ سالِفِ الحِقَـبِ

وَلا شَدا المُتَنَبّْـي في مَحافِلِنا
“يا أُخْتَ خَيْرِ أَخٍ يا بِنْتَ خَيْرِ أب”

بِالشِّعْرِ تَرْقى وَتَبْقى خالِداً أبَداً
حتى وَإِنْ وُورِيَ الجُثْمـانُ في التُّرَبِ

آمَنْتُ بالشِّعْرِ تِرْياقاً لِذي سَقَمٍ
وَبَلْسَماً لِفُؤادِ المُدْنَفِ الوَصِبِ

مِنْ خَمْرةِ الشِّعْرِ صَدَّاحاً بِأَعْذَبِهِ
جَوِّدْ لَنا سَكَراً يا شاعِرَ العَرَبِ

شعر/ حيان مصطفى هبرة