Views: 9368
” كفّ السنونو “
*قصّة بقلم الشاعرة مريم كدر
عندما ألقيت مرساتي على شواطئ الغربة ، لم أكن أحمل من زاد سوى دعوات أمي ، وذخيرة كافية من الحبّ الصادق الذي كانت تغدقه عليّ، و قبلاتها التي تطبعها على جبيني فيخترق دفؤها اللذيذ شغاف قلبي ويتغلغل فيه، ولم أكن أعلم أني سأحمله معي في قادمات الأيام ليحمي روحي من صقيع غربةٍ هي قدري الذي لا مفرّ منه.
عادت بي الذاكرة إلى ذلك اليوم الذي كنت أزور فيه مدينة حمص، وقادتني قدماي إلى أحد المقاهي ، لأتناول كوباً من القهوة أعدّل به مزاجي،واستعيد نشاطي بعد نصف يومٍ حافل بالكثير من المشي والتعب .
شاهدته بقامته الفارعة وجسده النحيل ،وملامح وجهه الغامضة التي توحي بأن صاحبها شخصٌ مسكونٌ بالأسرار.
كان روّاد المقهى يمدّون له أكفهم، فيتفحّصها للحظات ثم يبدأ بوصف شخصياتهم، وبعدها يتنبأ لهم بما ينتظرهم في المستقبل.وهم بدورهم ينفحونه بما تجود به أكفهم من المال ،ليضعه في جيبه دون أن يحصيه أو حتى ينظر إليه.
مع أنّي سخرت في سرّي من سذاجتهم، إلا أن فضولي دفعني لأحذو حذوهم من باب التسلية لا أكثر، وما إن أمسك بكفي ، حتى شعرت برعشة تسري في كياني وخوف بدأ ينصب شراكه حول قلبي، تعلّقت عيناي بملامح وجهه ، وكأنّ حياتي الحاضرة والمستقبلية ،سوف تتحدّد معالمها بما ستنطق به شفتا هذا العرّاف الغريب.
بدأ يمتدح أخلاقي الحسنة وصفاتي الحميدة، ومع أني أعرف نفسي وأعلم أني كمايصفني- لكنّي توقعت أنّي أمام دجال محترف يبيع للناس الأكاذيب، ليسعدهم ويأخذ نقودهم ألسنا جميعاً نفرح إذا وصفنا أحدهم بالطيبة والإيثار وغيرها من الصفات الحميدة.
قررّت أن أسحب كفي من يده المعروقة ، لكنّه نطق بعبارةٍ جعلتني في حالة من الذهول عندما قال : (هذه الكفّ كفّ السنونو المهاجر).
وماهي سوى شهور، حتى يكون لك وطن جديد وحياة أخرى في بلاد بعيدة . وسيصبح قدرك الحنين الدائم لأنك ستغادرين هذه البلاد بجسدك ، لكن روحك ستحلّق فوقها بأجنحة الشوق المرير.
ضحكت وأنا أقول له :سمع الله منك ، وإن كان ماتقوله هو أمنية غالية ، لكنني وأدتها في صندوق الأماني المستحيلة التحقق، وأعدك أنّها لو تحققت، فلن أكابد مواجع الشوق ولواعج الحنين بل سأكون أسعد إنسانة في هذا الكون.
لم تمض شهور حتى تحققت نبوءة العراف، ورمت بي رياح القدر في إحدى بلدان القارة العجوز ،ولم أصبح أسعد الناس، بل غريبة تحمل وطنها في قلبها وشوقها إليه يسكن حناياها، فتجوب الشوارع على غيرهدى بحثاًعن عرّاف يقرأ لها كفّها يقول لها هذه كف سنونو ، لتعود إلى وطنها مع عودة أسرابه ، فيغادرها الحنين و تغادره.
*بقلم الشاعرة مريم كدر – بروكسل .
=================/
# لعلها فرصة لاتقدّم بوافر الشكر والتقدير للشاعرة الرائعة ،،ليلاس زرزور مديرة تحرير مجلة ،،زهرة الليلك ،وموقع،، ليلك برس ،، على ماتبذله من جهد خدمة للإبداع والأدب
* مريم
====================
وفي رسالة للمحرر وردت من الشاعر المبدع أديب نعمة ،كتب يقول ::
#مريم كدر الاديبة والشاعرة
لا يمكن لمَن يتذوّق الأدب وتاسره الكلمة ، ويقرأ للشاعرة والكاتبة المرموقة [ مريم كدر ] قصة [ كفّ السنونو ] إلا ويعيد ويعيد مرات ومرات ويقع أسير الصورة الادبية الساحرة والكلمة المشحونة بطاقة عاطفية صادقة فالصور تتكاثر وتتكامل لترسم لوحة شفافة لروحٍ شفافة عانت مرارة الغربة واوجعها حنين جارف للأهل والوطن فلولاها ما عرفنا أن [ للغربة شواطئَ _ ولا ان شغاف القلب يُخترَق _ ولا للغربة صقيع _ولا الأسرار تسكن ]وهكذا تضع الشاعرة قدمها بقوة على قمم البلاغة والبيان
هنيئاً لصدد ابنتها البارّة وهنيئا لوطن أنجبها وهنيئا لنا وللادب هذه الفارسة التي اعتلت صهوة المجد الأدبي
* اديب نعمة
********************************
# السيرة الذاتية للشاعرة السورية مريم كدر
= شاعرة من بلدة صدد [ جنوب شرقي حمص] – سورية
=أحمل إجازة في اللغة العربية وآدابها .
= عملت بالتدريس لطلبة المرحلة الثانوية .
= بادرت لتجارب تربوية ناجحة مع طلبتي بوسائل سمعية ، حببّتهم بالشعر، وجذبتهم للقراءات الأدبية
= صدر لي ديوانان شعريان ( جنون حلم) عام 2019 و ،،على رصيف الحلم ،، ،2024 دار إرشاد – حمص – سورية.
= لدي مخطوط قصصي ومخطوط رواية ،،نوافذ القدر ،،
= أكتب في مختلف أنواع الأدب من شعر” عمودى.. وتفعيلة ” قصة قصيرة ، ودراسات أدبية .
= كتبت مقالات نقدية ، ونشرت بعض نتاجي في ” الأسبوع الأدبي ” الصادرة عن اتحاد الكتاب العرب في دمشق ، وفي صحيفة العروبة الحمصية ، وغيرها من صحف ومجلات ومنصات سورية وعربية، مجلة ،،زهرة السوسن – دمشق ، و،، أخبار سورية الوطن – طرطوس، ومجلة،، أزهار الحرف،، – القاهرة ، و،، ليلك برس ،، هولندا .
= عضو ملتقى الشعراء العرب – القاهرة
= أقمت وشاركت في عديد الأماسي الشعرية ، وفي الفعاليات والمهرجانات الأدبية في أغلب المحافظات السورية ، وخاصة مهرجان ” الحفر” ومهرجانات ” صدد العراقة ” من 2006- 2019.
= شاركت في احتفالية ،، أبي فراس الحمداني ،، وفعاليات أصدقاء الثقافة في صدد 2007-2009
= أجريت معي عدة لقاءات متلفزة وإذاعية وصحفية، عن نتاجي الإبداعي ، ومجالات الثقافة والتربية .
=مقيمة في بلجيكا