Views: 184
،،من فيروزة إلى ديترويت ،، رحلة تحد ونجاح بقيم الجذور
*بقلم الإعلامي سعدالله بركات
قبل عامين ونيّف ، ومن محاسن الصدف سرعان ما لفتني عنوان كتاب ،بل وسرّني وتمنيت لو أحوزه فورا ، لم يكن المقام يسمح ، فمضيفنا سيحمل النسختين إلى المغترب ، ،،من فيروزة إلى ديترويت ،، لمؤلفه م. جورج ذيب ، وكنت أنجزت للتو، الموافقة على مخطوطي ،،من صدد إلى ميريلاند رحلة حياة وعمل ،، مبعث السرور التطابق في فكرة العنوان ، وأمّا الرغبة ،فلكي أقارن بين الجهدين ، وفي ذلك خلاصة وفائدة …
لعل أول مرة ألمح الإسم ، وأقرأ لصاحبه عام ٢٠١٦ على موقع جمعية فيروزة الخيرية في كاليفورنيا ، لفتني اهتمامه البحثي ، وما يشي بحنين للربوع ، وقد أفدت مما كتب عن تأسيس جمعية زهرة الإحسان الصددية في كوهوز مطالع القرن الماضي ، وحين باشرت التوسع في كتابي ،، صدد ريادة وإبداع ،، لمزيد من المعلومات عن القرى الصددية ، أهدتني صديقة إليه ، فإذا به لايتعامل مع الواتس ، ولم أك فيسبوكيا ، حتى إذا ولجت ما تأخرت عنه ، وجدتني أتشرف بصداقته والتواصل ، وسرعان ما وصلتني هديته الأثيرة ،،كتابه اللافت ،، بغلافه الأنيق ، وورقه الصقيل ، وجودة طباعته ، فكيف لا أتلقّفه !؟ وأتناهب صفحاته ، وما جادت من معلومات ، وما فاحت من سطوره والحروف ، من قيم وفاء وانتماء …في الخاتمة كما الإهداء :” إلى المرحومين والديه : ناصر ذياب ذيب ،ومريم كبرون مباركة ، اللذين اغتربا في عمر الخمسين لتأمين حياة ومستقبل أفضل لهما ولأولادهما ، وقد حققا أحلامهما “..
اللافت في الكتاب أنه ألف باللغة الإنكليزية في ديترويت ، قبل أن يترجمه المؤلف للعربية – حمص ٢٠٢٢ ، فقد أراد أن يعرف الأحفاد والأجيال ، سيرة جدودهم وآبائهم ، وأنّ ليندا ،حفيدة عمّه جورج الذي ساعد الأسرة على القدوم إلى المغترب واحتضنها ، هي التي كتبت مقدمة الكتاب بما نثرته من عاطفة أسروية ، كما كتب بعض الأحفاد سيرهم الذاتية بكثير من الاعتزاز بقيم الوطن والعائلة .
تتوزع صفحات الكتاب ال ٢٢٧ على 4 فصول وملحق غني بالصور ،أولها تناول حياة الأهل في فيروزة – حمص، واطرف مافيه قصة حبّ معتّقة بالسمو بين أبيه وأمه مطالع اربعينات القرن 20 ، والثاني عرض لحياتهم في المغترب الأمريكي ، وفي الفصل الثالث توقف المؤلف عند مراحل حياته في سورية قبل وبعد دراسته في ألمانيا حيث أوفد وتخرّج مهندسا ، وحيث عاش قصة حب فريدة مع نصفه الآخر ريتا ، ولكنّها لم تكتمل ،إلا بعد صبر جميل ولمّ الشمل في ديترويت التي سبق زوجته وولديه إليها بسنوات ، ليباشروا مرحلة جديدة من تكيّف وتحصيل علمي ، فحصل م. جورج وابنه وليد وابنته جانيت على الماجستير ، هو في الهندسة ليصبح مهندسا استشاريا في شركات كبرى ،وهما في إدارة الأعمال الدولية ، فيما علّم ستيفن-المولود في أمريكا – الإنجليزية في بلد أمه الألمانية قبل أن يغدو رجل أعمال هاويا للموسيقا العربية ، وإيقاعها بضرب الطبلة ،، الدربكة التي تلقاها صغيرا هدية من عمه ، كما هوايته لكرة القدم التي درّبه وإخوته عليها والده المتطوع لذلك مع فريق مدرسي ، قبل أن ينخرط في فريق أبناء فيروزة في ديترويت
ولا ينسى جورج التنويه بالعلاقة الحميمية مع عائلة عمه جورج .بداية واستمرار مع الجيل الثاني والثالث ، لا بل يفرد القسم الرابع من كتابه لحياة هذا العمّ النبيل ، الذي كان لهم في المغترب ، كما لإخوته في الوطن سندا ، وصمام أمان ، تراه يخصص صفحات لسير أولاد عمه ونجاحاتهم ولاسيما ادوارد الذي عرف بمكانته الاجتماعية وريادته في عالم الأعمال حتى سمي شارع باسمه .
وإذ ينوه جورج غير مرة بتعلّق أبناء العائلتين بالجذور ، والحرص على زيارة فيروزة وديار الأهل ،كما اندماجهم في مجتمع الجالية الفيروزية والسورية في ديترويت .
ما سرّني أكثر ، أن الصديق العزيز جورج ، كان يعرف عمي جان استيف ” غير الشقيق لوالدي ” وعائلته ، التي تعرفنا عليها منذ سنوات ، وكانت على علاقة وطيدة بأسرة الذيب ، فغمرني بفضل ودّ حين أهداني بعد الكتاب صورتين ذا دلالات غنية عن التعبير … شكرا صديقي الأثير
*سعدالله