Views: 2
الشِّعْرُ……
شعر : سعيد يعقوب
جَنَاحُ شَوْقٍ بِآفَاقِ الهَوَى خَفَقا
يَطْوِيْ إِلَى طُرُقٍ فِيْ حُلْمِهِ طُرُقا
وَزَادُهُ النُّورُ يَحْدُو رَكْبَهُ نَغَمٌ
يَشْدُو بِهِ القَلْبُ مُخْضَلَّاً وَمُحْتَرِقا
مُحَمَّلاً بِشَذَى الآمَالِ مُنْدَفِعًا
مُضَمَّخَاً بِنَدَى الآلام ِ مُنْطَلِقا
قِيثَارَةٌ تَرْجَمَتْ مَا الحِسُّ ضَاقَ بِهِ
وَمِعْزَفٌ بِخَفَايَا سِرِّهِ نَطَقا
يَفْنَى الزَّمَانُ وَلا تَفْنَى مَحَاسِنُهُ
وَكُلَّمَا شَاخَ دَهْرٌ زَادَهُ أَلَقا
كَأَنَّهُ رَوْضَةٌ طَافَ النَّسِيمُ بِهَا
فَرَاحَ يَنْقُلُ عَنْهَا السِّحْرَ وَالعَبَقا
لا تَحْسَبُوهُ حُرُوفَاً صَاغَهَا قَلَمٌ
أَوْ أَنَّهُ كَلِمَاتٌ تَسْكُنُ الوَرَقا
فَالشِّعْرُ رُوحٌ إِلَى دُنْيَا الجَمَالِ سَمَتْ
وَمُهْجَةٌ كَحَلَتْ مِنْ نُورِهِ الحَدَقا
وَالشِّعْرُ طُهْرُ النَّدَى فِيْ جَفْنِ وَادِعَةٍ
مِنَ الزُّهُورِ لَهَا قَلْبُ الصَّبَا خَفَقا
وَالشِّعْرُ لَحْنُ الهَوَى فِيْ قَلْبِ عَاشِقَةٍ
وَخَفْقَةُ الوَجْدِ فِيْ قَلْبِ الذِيْ عَشِقا
وَالشِّعْرُ نَبْضُ الرُّؤَى فِيْ صَمْتِ حَالِمَةٍ
وَضَجَّةُ الصَّمْتِ لَمَّا يَزْحَمُ الأُفُقا
وَالشِّعْرُ بَوْحُ السَّنَا فِيْ سَمْعِ يَائِسَةٍ
تَقْضِيْ الحَيَاةَ عَلَى آمَالِهَا فَرَقا
وَالشِّعْرُ رَجْعُ صَدَى الذِّكْرَى إِذَا عَصَفَتْ
نَارُ الحَنِينِ بِقَلْبٍ فِيْ الهَوَى احْتَرَقا
وَالشِّعْرُ صَمْتُ فَم ٍغَنَّى العَذَابُ بِهِ
وَصَرْخَةٌ لِفُؤَادٍ فِيْ الأَسَى غَرِقا
وَالشِّعْرُ أُمْنِيَّةٌ تَحْيَا بِقَلْبِ فَتَىً
لَوْ نَالَهَا نُثِرَتْ أَحْلامُهُ مِزَقا
وَالشِّعْرُ كَالنَّفْسِ يَحْيَا مِنْ تَنَاقُضِهِ
وَالنَّفْسُ تَجْمَعُ فِيهَا الحِلْمَ وَالنَّزَقا
وَالشِّعْرُ دُنْيَا عَلَى الأحْلام ِ قَائِمَةٌ
مَنْ زَارَهَا هَجَرَ الإِعْيَاءَ وَالقَلَقا
مَنْ شَادَهَا حَمَلَ الإِرْهَاقَ مُبْتَسِمًا
حَتَّى يُغَادِرَ مَنْ يَأْوِيْ لَهَا الرَّهَقا
كَالنَّحْلِ يُعْطِيْ بِلا مَنٍّ حَلاوَتَهُ
مَنْ لَيْسَ يَذْكُرُ كَمْ مِنْ أَجْلِهَا انْطَلَقا
كَمْ صُورَةٍ رُسِمَتْ مِنْ وَحْيِ رِيشَتِهِ
أَبْهَى مِنَ الشَّمْسِ لَمَّا تَرْسُمُ الشَّفَقا
مَا الشِّعْرُ غَيْرَ دَوَاءٍ لِلْهُمُوم ِ إِذَا
مَوْجُ الهُمُوم ِ طَغَى أَوْ شَرُّهَا طَرَقا
كَمْ هَذَّبَ النَّفْسَ إِذْ أَهْدَى لَهَا خُلُقَاً
عَذْبَاً، وَمَا النَّفْسُ إِنْ لَمْ تَكْتَسِبْ خُلُقا
كَمْ حَثَّ شَعْبًا لِكَيْ يَرْقَى بِهِمَّتِهِ
مِنْ بَعْدِ أَنْ كَانَ يَحْنِيْ لِلْعِدَا عُنُقا
وَكَمْ هَدَاهُ إِلَى تَحْقِيقِ غَايَتِهِ
وَقَادَهُ لِذُرَا العَلْيَاءِ فَانْطَلَقا
وَكَمْ أَضَاءَ طَريقًا مُظْلِمًا وَلَكَمْ
أَمَامَنَا فَتَحَتْ كَفَّاهُ مَا انْغَلَقا
وَكَمْ رَوَى خَبَرًا أَهْدَى لَنَا عِبَرًا
وَحِكْمَةً رَتَقَتْ مَا كَانَ مُنْفَتِقا
كَمْ مُبْدِع ٍ عَبْقَرِيٍّ فِيْ قَصَائِدِهِ
أَتَى بِمُعْجِزَةٍ مَا نَحْوَهَا سُبِقا
فَقُلْتَ مِنْ عَجَبٍ زَهْوًا بِقُدْرَتِهِ
لَمَّا اسْتَبَاكَ بِهَا : سُبْحَانَ مَنْ خَلَقا
إِنْ بَعْثَرَ الحُزْنُ نَفْسِيْ لَمْلَمَتْ يَدُهُ
مَا بَعْثَرَ الحُزْنُ حَتَّى عَادَ مُتَّسِقا
لَوْلا سَنَا الشِّعْرِ أَمْسَى الكَوْنُ فِيْ نَظَريْ
بِيدَاً أَضَاعَتْ بِهَا أَقْدَامُنَا الطُّرُقا
***************** *****************