Views: 61
في رحاب عيدها…… والرحيل
دولاب أمي *
حديث أبو الجمايل
– ١-
**بقلم سعد الله بركات .
دولاب أمّي دولاب، عمّر بيتا ، ربّى شباب ، أتذكّره من طفولتي ، ولكن عايشته في رجولتي ، فكيف أنساه !؟ ياما كانت تفخر بجودة تمشيطها الصوف وغزله ، وبثناءات من يعهد إليها بصوفه ، على مهارتها وهي تعيده له ، رفيعا يجوّد من حياكته عباءات مرغوبة ، فيبيعها بما يجزي، ويطوّر من صناعته وتجارته ، يوم كان كساد تسويقها ،قطعا لمورد الرزق الوحيد شتاء .
ما أذكره في صغري ، كانت أميّ تسابق الفجر ، فتنهي (شرطها ) أيّ ما تحدّد لتغزله كلّ يوم، بعدما تمشّط مايكفيها من الصوف ، وبما يلبلّي حاجة أبي ليحوكه يوميّا ، ولكنّه لا يثقل عليها ،بل لايلاقي حماستها ، فهو يكبرها ب 15 عاما ويشتغل على مهل ، ولطالما اشتكت من عدم إتقانه حياكة العباءات ، فتضيع مهارتها وجهدها سدى ، ولطالما تألّمت حين تلحظ بيع العباءات بما لا يجزي ، على عكس مبيع البسط المنقوشة ، فهو يجيد حياكتها ، ولكن لحساب تجّارها ، فلم تكلّ حتى تدبّرا ثمن صوفها ،وتحوّلا لصناعتها ،وكيف أنسى حرصها على أن تبقي بساطا في بيت كل منّا .
وشرط أمّي ،ينجز أولا ، فلا تمنعها عنه صبحية جيرة أو،، كأس متة ،، ولا حتى واجب تعزية ، وإن كانت نسوة متوفّ يفتقدنها ، لأنها تجيد نظم ردّات النواح ، تعدّد المناقب والسجايا ، وهنّ يرددن بعدها على إيقاع تصفيق خفيف، تراها تؤدي الواجب وتعوّض تأخّرها ،
أمّا لماذا تسابق أمّي الفجر لتصابح دولابها ، فلكي تتولّى شؤون البيت ، فأبي يفضّل إفطاره طبخا ، فضلا عن تدبّرها أمورنا ووالدته وأخوينا من زوجها ،وإن اضطرّت لغرض ما ، سرعان ماتعود فتكمل شرطها ،أو إلى بعض ما غزلته لفافات (شماميط )، فتلفّها على (مسلكة )خشبية وشائع توضع على (الطياّر) ، ليسهل لفّها على مواسير قصب تناسب مكوك الحائك ،وإن كنّا نتولّى ذلك أحيانا ، وإن مكرهين .
=====
** كاتب وإعلامي سوري – أمريكي
*بالإذن من الكاتب المصري حمدي أبو جليل صاحب،، ديك امي ،،