Views: 10
من الأرشيف ، ومنذ 3 سنوات .
الحب لدى ليلاس زرزور ، في قصيدتها ” يا لائمي في الهوى ” . _______________________________________________________________________
بقلم : أنور ساطع أصفري .
_______________________________________________________________________
24 سطراً ، عبارة عن لوحةٍ سريالية تتشابك بها معطياتها مع الزمان والمكان ، وترسم الشاعرة من خلالها أفكارها ومشاعرها بشكلٍ غير محدد المعالم .
هي ، أي الشاعرة ليلاس زرزور تتجوّل بكلماتها عن عالم خفي وغامض هو عالم الحب ، ودائماً وأبداً الحب في حياتنا لا نعرف له تعريف مُحدد ولا شكل واضح المعالم ، قد يأتيك كإعصار يطيح بك ، ويتركك أشلاء مبعثرة ، وقد يحيطك كنيران تحرقك وتقضي عليك ، وربما كما في حالة الشاعرة ليلاس ،
” فالروح بالروح من أشواقنا انصهرت ” ” والقلب بالقلب من سحر الهوى خُلطا ” ، يلمسك برقة النسيم فيدغدغ جوارحك كلها ، وينساب منك عطر يفوح وينتشر بالمكان ، هو العشق ، هو الحب ، ليس له رؤية واضحة ، ولا سبب معروف ، ولكنه دائماً وأبداً له نفس المذاق ، يُخدّرنا ويتوقف الزمن لدينا ، ونصبح أمواتاً على قيد حياة المحبوب ،
” يا لائمي في الهوى ” البداية توحي بعمق المعنى الذي تريده الشاعرة ، والذاكرة وحدها تُسجّل الأحداث بتفاصيلها ،
“” فكل ما فيك من سحر ومن عجبٍ * كأنه من جنان الخلد قد هبطا “”
، حتّى الروائح تبقيها لنا حيّة كما استنشقناها أول مرة ،
“” فحبّنا الشمس إن طلّت بروعتها * وحبّنا الورد لو قطر الندى سقطا “” .
استخدمت الشاعرة كلمات : الهوى – الروح – القلب – الشمس – الورد – الندى – مرايا – عيون – الطير – نجوم – ليل – الوله – الشوق – الحنين – مسافات – رمش العين . ومن خلال هذه الكلمات نرى مقدار كثافة الكلمات التي استخدمتها الشاعرة ل ( يا لائمي في الهوى ) ، وكل هذه الكلمات هي محفوظة ضمن المعجم الخاص للشاعرة ، ومن الواضح أن للحب مساحة كبيرة في حياة الشاعرة الأديبة ليلاس زرزور ، وهذا يدل على مساحة وجدانية كبيرة تكوّن شخصية الشاعرة ، فهي من الكتّاب الذين يكتبون بالوجدان حتّى دون وعيٍٍ منها .
الشاعرة استخدمت في قصيدتها كلمة ” قلب ” ست مرّات ، وكأنها أرادت أن تقول إن القلب يعقل ، وربما كان عقل القلب أسمى وأعمق من عمل العقل ، والقلب يبصر ، وهنا تكمن البصيرة التي تتخطّى حدود البصر ، الظاهرية .
فالقلب يفقه ، والفقه من : فقه الأمر فقهاً : أحسن إدراكه ، إذن أن يفقه القلب تعني أن يُدرك ما وراء الظاهر ، ويغوص في أعماق الأشياء والأمور ليستنبط ما خفي ويكشف ما استتر .
الشاعرة في قصيدتها تُصوّر معنى الحب اللا متناهي مع الهناء ، والراقد قرير العين .
بحثت الشاعرة في نصّها عن الحب في كل مكان ، وبنفس الوقت زرعته في كل مكان ، مثل الشمس والورد والعيون والمرايا ، والطير والنجوم والليل ، ومن خلال هذه الأماكن تُترّجم حالة الحب النازف من أعماق الوجدان ، داخل دائرةمن نفسها .
الشاعرة لها لغة خاصّة تُميّزها ، وكم كنت أتمنى لو طالت هذه القصيدة أكثر .
أبهرتنا الشاعرة بسحر كلماتها ، وكل التألق والتميّز لها .
************************************************************************************************************************************************************
يالائمي في الهوى
بكَ اكتملْتُ وَلا أُصْغي لمنْ لَغَطا
يالائمي في الهَوى قد لُمْتَني شَطَطا
فالرُوحُ بالرُوحِ من أشواقِنا انصَهَرتْ
والقلبُ بالقلبِ من سحْرِ الهوى خُلِطا
فحُبُّنا الشَمسُ إنْ طَلّتْ بروعَتها
وحُبُّنا الورْدُ لو قَطْرُ النَدى سَقَطا
فكُلّ مافيكَ منْ سحْرٍ وَمنْ عَجَبٍ
كأنهُ من جِنانِ الخُلْـدِ قد هبَطا
تَدورُ حولَ عُيوني في المَدى قَمَراً
والقلبُ هلَّ إلى مَرآكَ وانبسَطا
أراكَ عند المَرايا لو نَظرْتُ لَها
فمنْ أنا؟ يا أنا..عقلي بكَ اختَلَطا
زَوجُ منَ الطيرِ في أيكِ الهَوى ولَنا
نبضٌ نرى بَعْضَهُ بالبعضِ مُرتَبِطا
نَطيرُ بينَ نُجومِ الليلِ يحْمِلُنا
عشقٌ يحثُّ بنا نحْوَ الخُلودِ خُطى
فالقُربُ شَهْد لنا..لكنْ ويا أسَفي
بالبُعدِ يمْحو الأسى من شينِهِ النُقَطا
ياليلُ رفقاً…فأنّي متُّ من وَلَهي
فالشَوقُ قَطَّعَ قلبي والحَنينُ سَطا
والصَبْرُ مُرٌّ على قلبينِ قد عَشِقا
بكلِّ صدقٍ وَدَرْبُ الوصْلِ قد شَحَطا
أفديكَ من ساحرٍ بالعشقِ طارَدَني
حتّى تَمَكَّنَ من قلبي وَما قَنِطا
يالائمي كُفَّ عني فالهَوى قَدَرٌ
على فُؤادي بجَمرِ الشَوقِ قد ضَغَطا
قرَأتُ كلّ رواياتِ الهوى زَمَناً
لكنْ كمثلِ هَوانا لمْ أجِدْ نَمَطا
كلُّ المسافاتِ لاتُثني إرادَتنا
على اللقاءِ..فما عَزمُ الهوى ثبِطا
فحينَ شابَكَ قلبينا بروعَتهِ
ما أخطأَ الحبُّ ياعُمري وَما غَلِطا
فرشْتُ رِمشاً بعَيني كي تنامَ بهِا
ورِمشُها الآخرُ الأعلى إليكَ غِطا
فأنتَ بين عُيوني لاتُفارقُها
فنَمْ هَنيئاً قَريرَ العَينِ مُغتَبِطا