Views: 6
الضاد الجميلة
أحمد شوقي و الامارة
الى متى سيظل احمد شوقي يحمل لقب امارة الشعر
وهل هناك من الشعراء العرب من يستحقه من بعده ..
ما دفعني الى كتابة هذه المقالة .. حوار أعجبني و لفت نظري .. كانت أدارته الاعلامية الرائعة و الشاعرة الكبيرة .. ليلاس زرزور .. مع الشاعر القدير المهندس فواز عابدون
وكان من ضمن هذا الحوار الممتع .. النقاش حول ما يطلقه البعض على نفسه من عبارات التفخيم و التبجيل .. وتحميل نفسه القاب امارة الشعر .. او شاعر العالم ويضع على رأسه تيجانا لم يجرأ عليها أحد من كبار الشعراء العرب منذ جاهليتهم حتى اليوم .
عندما منح الشاعر الكبير احمد شوقي لقب ” امير الشعراء ” .. لم يكن يخلو عصر احمد شوقي من شعراء لايقلون عنه شاعرية و لا قدرة على امتلاك ناصية القوافي .
و قد يتساءل البعض وحتما لا بد ان كلا منا قد تساءل ..
الى متى سيبقى هذا التاج على رأس أميره احمد شوقي ؟
وقد سبق و رأينا العديد من المؤسسات الثقافية و الأدبية ومنها أقنية تلفزيونية ومؤسسات علمية مرموقة.. كانت تبنت فكرة اختيار شخصية شعرية عربية و منحها لقب .. شاعر العرب .. و من بينها قناة المستقلة التلفزيونية و غيرها من القنوات العربية المدعومة دوليا و ماليا و ثقافيا .. و من بينها أيضا عدد من المنتديات ومنصات التواصل الاجتماعي كانت و ما زالت تسعى لمثل هذا الاختيار .. الا أن جميع النتائج التي توصلت لها كانت باهتة و بالكاد سمع بها أحد
و أرى
أن جميع هذه المؤسسات قد فشلت فعلا .. و سيفشل غيرها ممن يقومون او سيقومون بمشروع ضخم كهذا .. ليس لعدم وجود قامات شعرية مستحقة او عدم وجود من يصلح له او وجود شاعر كبير يستحق حمل هذا اللقب .. و انما لأسباب سنشرحها لاحقا .
نعم ربما توصل بعض القنوات التلفزيونية الى اختيار من اعتبرته اهلا لحمل لقب شاعر العرب
و نتساءل
اين هو من تم اختياره .. و اين هو شاعر العرب اليوم ؟ .. و اين هو صاحب اللقب ؟
و نتساءل اكثر..
أليس من المستغرب أن لا يتم اختيار من يصلح لحمل هذا التاج الذي كان على راس أمير الشعراء أحمد شوقي .
و أين هم من كان يعاصره أو من جاء من بعده كأمثال .. حافظ ابراهيم و بشارة الخوري و خليل مطران و عمر أبوريشة و بدوي الجبل ..و غيرهم الكثير .
جميع هؤلاء كل واحد.منهم ربما كان يستحقه .
نعم
فالشعراء كاتوا موجودين .. و سيوجدون ما دامت هذه الأمة الكريمة و الكبيرة تتوالد و تنتج من عباقرة الشعر الكثير طالما أن لغة الضاد هي من اللغات الحية لا يضاهيها لغة في العالم
انما الأمر ليس كذلك و ليس الاختيار بهذه السهولة التي يظنها البعض .. و ليس بهذه السذاجة يمكن الاختيار .
نعم ان الذين منحوا شوقي هذا اللقب .. هم انفسهم كبار الشعراء و اللغة في الوطن العربي الذين ذكرناهم ومن بينهم حافظ ابراهيم الذي ربما بايعه متأخرا على ما أعتقد بقوله :
أمير القوافي قد أتيت مبايعا … و هذي وفود الشرق قد بايعت معي
ومنهم الشاعر الكبير اسماعيل صبري باشا الذي يقول فيه
جوّد شوقي بالشعر وقل … آمنت بأنك أوحده
و لو أننا رجعنا قليلا الى تاريخ الشعر و الأدب العربيين .. لرأينا أن أجدادنا العرب منذ جاهليتهم وحتى اليوم .. لم يتفقوا اطلاقا .. على من هو أشعرهم .. انما كانت هناك آراء متفرقة لم تتفق على شخصية معينة
حتى أصحاب المذهبات و المعلقات لم يتفق شعراء العرب القدامى على أي منهم .
فمنهم من فضل امرأ القيس .. و منهم من فضل النابغة و أخرون فضلوا زهيرا
فسيدنا عمر بن الخطاب كان يفضل النابغة على سائر الشعراء العرب .. بينما لبيد يرى في ذي القروح اشعرهم
أما الحطيئة فقال مجيبا على سؤال من هو بنظره أشعر الناس فقال
النابغة اذا رهب .. و وهير اذا رغب
وقال في مقالة حين وافته المنية
ان أشعر العرب هو الشماخ لقوله يصف القوس
اذا أنبض الرامون عنها ترنمت … ترنم ثكلى أوجعتها الجنائز
حتى الحطيئة نفسه لم يستقر رايه على شاعر واحد وانما اختار بعضا وفقا لبيت او ابيات قالها الشاعر المذكور .
أما عمرو بن العلاء فيعتبر أشعرهم واحدة وهي معلقته
لخولة أطلال ببرقة ثهمد … تلوح كوشم الخد في ظاهر اليد
و قد قال بعض العلماء قديما :
ان امرأ القيس لم يتقدم الشعراء لأنه قال ما لم يقولوا ، و انما سبق الى أشياء فاستحسنها الشعراء ، و اتبعوه فيها .
وهو أول من لطّف المعاني ، و استوقف على الطلول ، ووصف النساء بالمها و الظباء و البيض ، و شبه الخيل بالعقبان و العصي ، و فرق بين النسيب و ما سواه من القصيد ، و قرّب مآخذ الكلام ، فقيد الأوابد ، و أجاد الاستعارة و التشبيه .
أي لأن امرأ القيس .. جاء باشياء جديدة غير مسبوقة و سبق بها جميع شعراء غصره .
ومع ذلك لم يجمعوا عليه
و بالعودة الى تقليد شوقي امارة الشعر .. هذا اللقب لم يأته عن عبث ..
و ليس لأنه تحدث في شعره عن قضايا أمته الغربية من محيطها الى خليجها .. و أحيانا تكلم عن قضايا وعن أحداث خارج حدود الوطن العربي وكتب مناهضا الاستعمار في مصر و في مختلف البلدان العربية ..
و ارى
ان احمد شوقي ما شفع له .. انه أدخل الى الأدب العربي مواضيع و فنونا لم يكن العرب يعرفونها من قبل
وما كان لجميع القصائد التي كتبها أحمد شوقي وهي بالمئات و جميع ابيات و ديوانه الضخم الشوقيات .. جميعها ما كانت لتشفع له لنيل اللقب وحمل تاج الامارة .
أن أحمد شوقي ما كان ليحصل على اللقب المذكور لولا أنه قام بعمل أدبي باهر .. لم يسبقه اليه أحد لا من قبل و لا من بعد .. من شعراء الأمة العربية .
وهو ادخاله فنا جديد على الأدبي العربي لم يسمع به العرب من قبل
وهو المسرح الغنائي .. فقد ألف العديد من المسرحيات الشعرية الرائعة لم يسمع بمثلها أحد بالعربية
منها
مجنون ليلي و كليوباترة و محمد علي الكبير و قمبيز.. و غيرها
وكان هذا أهم و أكبر انجازاته الشعرية .. وان كان هناك من قلده فيما بعد و لكن مسرحياته الشعرية أضافت عناصر جديدة للأدب العربي لم تكن معروفة من قبل
ان امارة الشعر بعد شوقي هذه المؤسسة مازالت فارغة .. لعدم وجود من يستحقها بالرغم من وجود عمالقة من شعراء العرب الكبار .. لا يقلون شاعرية عن شوقي
و نتساءل ثانية
الى أي متى والى أي مدى سيبقى تاج امارة الشعر على رأس احمد شوقي .
و هل سينتقل تاج الامارة الى رأس شاعر آخر؟
لا أظن .
وسيكون الجواب صعبا جدا ان لم يكن مستحيلا .
و لن يكون ذلك ممكنا … قبل أن يأتي من يقدم للأدب العربي فنا جديدا لم يعرفه الأدب من قبل .
وأسأل أين هم شعراؤنا اليوم .. من كل هذا ؟!
تحيتي لكم جميعا
….
خالد ع . خبازة