Views: 1
الضاد الجميلة
موضوع لا أعتقد تم طرحه أو أو قام بطرحه أحد من قبل
هل هناك من شعراء العرب القدامى .. من حمل لقب ” الأخطل الصغير ” ؟
هذا البحث طويل نوعا ما ، الا أن الموضوع المطروح فيه هام .. لا أعتقد أحدا من قبل أقدم على طرحه ، أو بحث فيه :
يتوارد لدي سؤال :
هل هناك من حمل لقب ” الأخطل الصغير ” قبل الشاعر الكبير ” بشارة الخوري ” .. ؟
الأخطل الصغير ” أبو الأسد نباتة بن عبدالله الشيباني ”
هل يمكن أن يكون هو أول من لقب بهذا اللقب
ربما لم يخطر ببال أحد منا .. و نحن نعلم أن الشاعر المعاصر الكبير بشارة الخوري هو صاحب لقب ” الأخطل الصغير ” .. أن يكون بشارة الخوري هو ثاني من حمل هذا اللقب و أن هناك من سبقه الى حمله .. ولم يرد الى علمنا أن هناك من حمله من شعراء العرب القدامى .
اجل هناك من سبقه في حمل هذا اللقب . علما أن صاحب لقب الأخطل . . هو الشاعر الأموي غياث بن الغوث بن الصلت .. و أن من لقب بعده بلقب الأخطل الصغير .. انما لقب به صاحبه تشبها بهذا الشاعر الكبير أو لأن شعره يشبه أشعاره .
و نتساءل ..
أبو الأسد الثعلبي ” نباتة بن عبدالله الحماني الشيباني ” الذي عاش في العصر العباسي .. هل يمكن أن يكون هو أول من حمل لقب ” الأخطل الصغير” تشبها بالشاعر الأموي الكبير “الأخطل ” . و هل بشارة الخوري هو ثاني من لقلب به .؟
الأخطل الكبير.. هو غياث بن الغوث بن الصلت المولود 640 – 708 ميلادية عاش في أيام الدولة الأموية .. و هو أول من حمل لقب الأخطل .
و قد لقب في العصر الحديث الشاعر الكبير ” بشارة الخوري بالأخطل الصغير تيمنا و تشبها به .
انما ..
ما لفت نظري و أثار من دهشتي .. أنني وفي أثناء مطالعتي كتاب ابن عبد ربه ” العقد الفريد ” ، وجدت في الجزء الخامس منه ، و بالتحديد في الصحيفة رقم 419 ، طبعة القاهرة 1965 م ، تحقيق أحمد أمين واثنين آخرين .. عبارة لفتت نظري بدهشة بالغة .. و هي العبارة التالية :
و قال الأخطل الصغير :
خلع الربيع على الثرى من وشيه … حلــلا يظل بها الثرى يتخيّل
نَوْرٌ اذا مَرَتَ الصَّبا فيه النـــــدى … خِلتَ الزَبَرجدَ بالفريد يُفصّل
فكأنـــها طوراً عيـــونٌ كُحّـــــــلٌ … و كأنها طورا عيــونٌ هُمّــلُ
ان ما لفت نظري .. هي هذه العبارة ( الأخطل الصغير ) ..
فنحن لا نعلم قبل اشاعر الكبير بشارة الخوري من حمل هذا اللقب .
فاذا ما علمنا أن ابن عبد ربه مؤلف الكتاب قد ولد سنة 860 – 940 م ، فان ذلك يعني أن هناك فعلا ، شاعرا آخر ، حمل هذا اللقب من قبل ، و أن هناك مسافة زمنية لا تقل عن عشرة قرون ، تفصل بين الزمن الذي حمل فيه الشاعر بشارة الخوري هذا اللقب ، وبين حياة مؤلف العقد الفريد ” ابو عمر أحمد بن محمد بن عبد ربه “.
رجعت الى عدد من كتب التراث بحثا عن اسم صاحب لقب ” الأخطل الصغير” ، علها تفيدني في الوصول الى ما أصبو اليه .. فلم أعثر فيها ، سوى على كتاب واحد ، ورد فيه هذا اللقب .. ينسبه المؤلف ” ابن المعتز ” في كتابه ” طبقات فحول الشعراء ” لشاعر يدعى ” أبو الأسد الثعلبي ” حيث جاء فيه تحت عنوان :
” أخبار أبي الأسد الثعلبي ”
ما يقول :
” حدثني جعفر بن جندب ، قال : حدثني أبو زرعة الرقي . قال :
كان أبو الأسد الشاعر ، يشبه الأخطل في أيامه لجودة شعره . و كان ” دعبل ” الشاعر ، هجا “الحسن بن مرة ” فغضب أبو الأسد ، للحسن بن مرة ، فكتب الى دعبل هذه الأبيات :
يا دعبل بن علي أنت في حسن … كالكلب ينبح من بعد على الأسد
فاكفف لسانك عما قلت في حسن … فقد رأيــت له مثلي من العـــدد
فكتب اليه دعبل : لا أعود .
و اتصل الخبر بالحسن فبعث بخمسين ثوبا الى أبي الأسد” .
ثم يضيف الكتاب :
” و مما رويناه و اخترناه ( يقصد من شعر أبي الأسد ) :
روحي مقيم بين أثوابي … مستوفز عن جسد نابِ
نحفت حتى ما بي مسلك … في جسدي مجرى لأوصابي
لم يبق الا حركات الهوى … مني و عينٌ ذات تسكاب
من يرني يحسبني لم أمت … أردّه في شكِّ مرتاب
أي سقامٍ و هوى فادحٍ … و أي ضرٍ حلّ أثوابي
لو لمسوني ملء أيديهم … لم يجدوا غير أسلابي
لم يتحدث الكتاب عن أي شيء آخر يتعلق باسم الشاعر أو نسبه أو تاريخ ولادته ، أو مكان اقامته سوى ماذكر ، الا أنه يذكر أن أبا الأسد بعد أن اغتنى ، عاش في الجزيرة .. ثم يقول ابن المعتز :
” كان أبو الأسد الثعلبي حين ترعرع أخذ بقول الشعر ، يقول أصحابنا ( و مازال الكلام للمؤلف ) : كان غواصا ( يقصد للمعاني ) و ما زال كذلك ، حتى سمي الأخطل الصغير. ثم لم يبق الا يسيرا حتى لحق بالعسكر ، و مدح الملوك ، و أجزلوا له .
هذا كل ما وجدته عن هذا الشاعر في كتب التراث .
الا أننا ، ذا اردنا أن نحدد حياته بشكل تقريبي ، فان أبا الآسد بهجائه للشاعر ” دعبل الخزاعي ” فان ذلك يعني أنه كان معاصرا له ، و اذا علمنا أن ” دعبل ” عاش في أيام الدولة العباسية و عاصر كلا من أبي تمام و البحتري ، فان دعبلا هذا عاش بين عامي 148 – 246 هجرية أي من 765 – 866 ميلادية .
تابعت بحثي عن الشاعر أبي الأسد .. فاستطعت العثور على أكثر من شخص يحمل هذا الاسم اثنان منهم على الأقل كانا شاعرين .. أحدهما مولى خالد بن عبدالله القسري .. أي أنه عاش في العصر الأموي في أيام هشام بن عبدالملك والوليد بن يزيد بن عبدالملك .. و تحدث عن مقتل الخليفة يزيد .
أما الآخر .. و هو الأقرب الى أن يكون من نبحث عنه ، فقد ورد اسمه في كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني ، يشير الى أن اسمه ” نباتة بن عبدالله الحماني ” ، و هو من شيبان . و أنه عاش في العصر العباسي .
فقد جاء في كتاب” الأغاني ” لأبي الفرح الأصفهاني ، و تحت عنوان ” أخبار أبي الأسد و نسبه ” ما يلي :
” اسمه … نباتة بن عبدالله الحماني .. من بني شيبان . و هو شاعر مطبوع ، متوسط الشعر ، من شعراء الدولة العباسية ، من أهل الدينور .و كان مليح النوادر، مزاحا خبيث الهجاء .. ”
و قد ورد في ” الأغاني ” بعض من شعره . يقول في أبيات كتبها الى أحمد ابن أبي داود كان وعده بالثوب فمطله :
الآن أيقنت بعد فعلك بي … أنني عبد لأعبد قفد
فصرت من سوء ما رميت به … أكنى أبا الكلب لا أبا الأسد
ويقول صاحب الأغاني ، ان أبا الأسد كان منقطعا الى أبي دلف ، ثم الى الفيض في أيام الرشيد . و قد أكد هذه المعلومات نفسها كتاب ” اللألي في شرح أمالي القالي ” للبكري .
أما ما جاء في كتاب ” التذكرى الحمدونية ” لابن حمدون ، فقد ورد اسم أبي الأسد على سبيل الاستشهاد بأبيات له ، دون أن يعرف من هو هذا الشاعر ، يقول فيها :
و أنا ابن معتلج البطاح يضمني … كالدر في أصداف بحر زاخر
ينشق عني ركنها و مقامها … كالجفن يفتح عن سواد الناظر
كجبالها شرفي و مثل سهولها … خلقي و مثل ظبائهن مجاوري
و كذلك فعل كتاب ” حماسة القرشي ” للقرشي النجفي ، و أيضا كتاب ” ربيع الأبرار و نصوص الأخبار ” للزمخشري و كلا المؤلفين استشهد ببيتي أبي الأسد ، دون تعريف عنه :
أغدو على مال بسطام فأنهبه … كما أشاء فلا يثني الي يدي
حتى كأني بسطام اذا احتكمت … فيه يداي و بسطام أبو الأسد
الا أن أبا هلال العسكري في كتابه ” ديوان المعاني ” استشهد بأبيات لأبي الأسد ، و هي تشير أن صاحبها كان ملازما للفيض الذي كان من وزراء المهدي أو الرشيد حيث يمدحه :
و لائمة لامتك يا فيض في النــــدى … فقلت لها .. لن يقدح اللــــوم في البحر
أرادت لتثني الفيض عن عادة الندى … و من ذا الذي يثني السحاب عن القطر
اذا ما أتـــــاه السائلون .. توقدت … عليه مصابيـــــح الطلاقــــة و البشـــــر
له في بني الحاجــــات أيد .. كأنها … مواقع ماء المــــزن ..في البلد القفــــر
نستنتج من كل ذلك .. و نرى أن الشاعر الذي حمل اسم أبي الأسد هو
” نباتة بن عبدالله الحماني ”
من بني شيبان ، وهوالذي عاش في العصر العباسي ، و عاصر دعبلا .. و مدح الفيض
و بالتالي فربما يكون هو الأقرب الى أن يكون قد حمل لقب
الأخطل الصغير .
………
خالد ع . خبازة
اللاذقية