Views: 3
خاطرة اليوم..
ومُعْظَمُ النارِ مِن مُسْتَصْغَرِ الشَّرَرِ
أُسْعِدْتُم أوقاتاً…
لم يكن ” التسجيلُ الصوتيّ” الغامض والمشبوه، والذي تسبّب في تأجيج نار الفتنة العمياء وإزهاق أرواح عدد من المواطنين الأبرياء، سوى مادة اختبار لقياس درجة وعي السوريين، وبيان مدى قدرتهم على ضبط النفس وعدم الانسياق العاطفي الأهوج وراء مشاعر الغضب المدمّر الأرعن .
فهل نجح السوريّون في هذا الاختبار؟
الجواب – بكلّ أسف- لا..لم ينجحوا.
السؤال الملحّ الآن: هل سينجح السوريّون في تجاوز هذه الفتنة، وفي تجنّب تكرار مثيلاتها في المستقبل؟
الجواب: نعم.. بالتأكيد.
على أنّ هذا النجاح مرهون بتوافر عدد من الشروط الضرورية التي تخصُّ كلّاً من الدولة والمواطنين على السواء..
على أجهزة الدولة مراعاة الأمور التالية :
– إطلاق إعلام حكوميّ رسميّ مهنيّ وشفّاف يمثّل رؤية ووجهة نظر الدولة السورية الجديدة إزاء الوقائع والأحداث والمستجدّات.
الأمر الذي يسمح للمواطنين بتمثّلها والتفاعل الإيجابيّ معها.
– التأكيد الثابت والدائم على عدد من المفاهيم الأساسية في بناء الدولة، ومن أهمّها: الدولة الوطنية، المواطنة، سيادة القانون، المساواة في الحقوق والواجبات، نبذ الفكر التقسيميّ والطائفيّ، العدالة الاجتماعية…
– تأكيد حضور الدولة وهيبتها، وذلك من خلال بسط الأمن ونشر الأمان بين المواطنين كافّة على امتداد التراب السوريّ .
وهذا لا يتحقّق إلّا بحصر السلاح بأجهزة الدولة، المسؤولة-وحدها- عن الأمن وحماية الوطن والمواطنين، ( الجيش، الأمن العام، الشرطة).
– البدءُ الفوري بتنفيذ بعض الإجراءات الاقتصادية الإسعافية السريعة المتعلّقة بالاستجابة الفاعلة لحاجات المواطنين المُزمِنة والمتزايدة من الأمن الغذائي، وما يتطلّبه ذلك من زيادة رواتب العاملين في كلّ القطاعات، وتحسين آلية وسرعة استلامها، وتأمين السيولة النقدية اللازمة لإنعاش حركة الأسواق.
ناهيك عن المراقبة الفعّالة لهذه الأسواق.
أمّا المسؤوليات الملقاة على عاتق المواطنين جميعاً، فإنها تتلخّص في الالتزام بمضمون العقد الاجتماعي الذي يستلزمه مفهوم المواطَنَة الحقّة بما يتضمّنه من إدراك دقيق لكلّ من الحقوق والواجبات والمسؤوليات؛ بحيث يدرك كلٌّ منا المدى الحيوي الذي له الحقّ في التّحرّك فيه دون أن يتجاوزه إلى ماهو منوط بالدولة وأجهزتها، كما حدث في الفتنة الأخيرة، من تعبئة وتجييش طائفيّ غير
مسؤول.
بل من قَعقعةِ بعض المجموعات المسلّحة المشبوهة بالسلاح للدفاع عن
الرموز والمقدّسات الدينية، فيما يظنّون ويزعمون، بل وفي استعمال بعضهم لها، ما أفسحَ المجال لكلّ القوى المعادية المتربّصة بسورية الجديدة ودولتها الوليدة، في الداخل والخارج، لمحاولة النَيل منها والتّدخل في شؤونها الداخلية بكلّ الوسائل والأساليب .
ختاماً..علينا ألّا نستصغرَ الأخطاء الصغرى ؛ إذ قد تكون سبباً للأخطار الكبرى.
و كما جاء في قول أحد السّلَف:
ومعظمُ النارِ مِن مُسْتَصْغَرِ الشَّرَرِ
و يجب أن نتذكّر جميعاً أنّ “الوحدة الوطنية” هي حجر الأساس في بناء سورية الجديدة، لذا علينا العمل على توطيدها وتعزيزها وحمايتها، كلٌّ في مجاله وموقعه..وإلّا.. فإنّ سوريةَ كلّها والسوريين جميعاً هم الخاسرون.
المجدُ لسوريةَ ولشعبِها الحرِّ العظيم.
#دكتور_زياد_العوف