Views: 4
ليلى العربي عاشقة الطبيعة
في تلك الحالة من المشاعر النبيلة التي أحملها لصديقتي الرائعة الشاعرة الجميلة ، كنتُ أشعرُ وأنا أقرأ شعرها أن كل قصيدة لهاهي خربشةً جرئيةعلى خريطةٍ تقودها إلى مزيد من العطاء الأدبي الذي يجعلها في قائمة شعراء الصف الأول في وقتنا الحاضر. كل كلمات الشعر الجميلة، وكل المشاعر الصادرة من سيدة نبيلة ،وكل تفاصيل الطبيعة ، التي جعلت المرء يطوق لشعرها بترقب وانتظار ، لكني – فعلا – سعدت بقراءة هذا الانتاج الهائل الذي يجعل المرءيشرف بمعرفة هذه السيدة الشاعرة الطيبة الإنسانة ،وحين قرأت قصائدها ،انتابني حالة من الشجن وهالة من الاهتمام والشغف لدراسة هذا الشعر،فلم أكن أتصورأن في حياتنا الملئية بالصخب والضجيج ومتاعب الحياة مثل هذه المشاعر المتباينة على جدران الكلمة، ولكن شعوري كان يؤكد لي أني أتعامل مع أنموذج رائع من أدب المرأة في ثوب متدين معتدل ، حتى في التشابهاتِ الطفيفة..والعادات، والأمنياتِ المتأرجحة على سنواتِ اعتمادها شاعرة ، ،ودوائرِ التفوق والابداع التي تنمو مع الأيام ..
ليلى العربي هذا الاسم الجميل الذي يطوف بنا مع شاعرات الزمن الجميل ، ومعشوقات الشعراء القدامي أمثال (ليلى الأخيلية- ليلى حبيبة قيس..) على حد قولها:أنا لغةٌ على الآفاق حيرى
ولحن ٌ من تراتيل العذابِ
عزفتُ قصائدي لحناً شجياً
وشوقي بين أمطار الغيابِ
وفي قصائدها( يابحر حنانك- أنا والبحر- حوار مع القمر- ) جاءت الرؤية الداخلية للشعر عندها، فقلبت المعادلة، إذ أنها ترى المواقف من منظورها الكاشف لخفاياها الدالة على شعورها النفسي، وقد تمظهر التشكيل الجمالي الفني للبحر والمكان والقمر عبر ما اتخذته من دلالات داخل الإطار النفسي العام الذي لم يراع ِ صنوف التشابه العياني في إخراجه لصورة الموقف بل ينطلق من منطلق إبداعي يتكئ على علاقة الشاعرة ورؤيتها لمحيطة، فأصبح حنان البحرموسيقى تبدع الشاعرة من خلالها عن همومها ومآسيها ومكنوناتها.
موسيقى
تتناثرُ
في موج الأسرار
أغنيةٌ ظمأى
ومعانٍ تتلألأ
والفضةُ ذائبةٌ
في أفقٍ وسحاب
والتبرُ حنينٌ
والنورُ غياب !!
وفي حوارها مع القمر نجد هذا التوصيف المجمل للحالة التي توصلت إليها بعد عشقها للقمر بصورة مختلفة عما يراه كثرمن الناس تقول:
فجاوب : كلا ..رأيتُ القمر ..
ضياءً يسافرُ بين الشجر ..
ويرنو .. فألمحُ عينيْك ..لا ..
أراهُ .. وشوقُ الفؤادِ استعر ..!
فقلتُ : أيا شاعرى ما ترى ..
نسيما يحلّقُ حتى يمر ..؟؟
، فقد تأكد لنا من خلال هذه المقطوعة الشعرية المميزة كعادة شاعرتنا أنها محاور فاعلة في كشف أفق طيب وحري أن تُدار حولها رؤى النقد.
ولاغرابة في أن تنشغل مثل شاعرنا بموضوع الطبيعة، وتضيف لها مقطوعات تضم لإبداع الشعراء ، بالإضافة إلى أشكال تأثيرها وطبيعة هذا التأثير، أما في نطاق الإبداع ، فإن الأمر يبدو أكثر تناغماً وجمالا ،كما أن الانجذاب إلى الطبيعة واستنطاق دلالاتها يعمق رؤيةالشاعر،وينافح عن مشاعره وأحاسيسه الباحثة عن التكيف.ونتيجة بدهية لسعة عملية التفاعل مع نصه ولعل ذلك يعد أكثرا وضوحا في مجمل دوانيمها (عبرات الفحر-رسالة شهرزاد – نغمات شاعرة-راهبة الشعر) ويشغل (ليلى) الصور الشعرية الحسية القائمة على المشابهة من خلال استخدام التشبيه والاستعارة، والاستعانة بالصورة المجاورة عبر المزج بين المجاز المرسل والكناية الإحالية في التصوير والبيان. ويمكن أن تتخذ الصور البلاغية ذات النطاق الحسي طابعا رمزيا خاصة في المقاطع الشعرية (قلبي يذوب- إسراء- وأصبحنا غريبين) ولايفوتني التنويه بأن ما حمله شعر(ليلى العربي) من رقة الألفاظ وسلاسة المعاني وتميز الصور كان له أكبر الأثر في تسهيل عملية تلحينها وتأثيرها بالمتذوقين .. فهي قصائد موشاة بالمقامات اللحنية مرصعة بالأوتار الأدبية .وفي الختام دمت لنا شاعرتنا جزلة العطاء ودام قصيدك آسياً جراح قلوبنا ودافعاً بنا الأمل حتى نعرف معنى الغوص في التراث من جديد بمفهوم مختلف ..