Views: 8
(1)
في سجن أمن الدولة في الحسكة حبسوني في زنزانة دون ضوء، والجراذين تملأها، والفراش فيه رائحة دم، لكن لشدة البرد تغطيت رغما عني.
أحضروا شابا بعمر السادسة عشر وبدأوا تعذيبه وهم يستمعون لفيروز، والقبو مغمور بالمياه، والبرد قارس جدا، وكل بضع دقائق من الجلد والسب يجبرونه على الهرولة لكيلا تعتاد قدمه الضرب وتتخدر.
خلال الضرب والسب وفيروز تغني، صاح أحمد: يا سيدي مشان الله، مشان محمد. رد عليه العنصر العلوي: ليش في حدا خرب بيتنا غير محمد.
بين ثلاث إلى أربع ساعات استمر التعذيب ثم كبوه في إحدى الزنازين.
بعدها جمعوني مع شاب حسكاوي طويل جميل طالب معهد موسيقي لا علاقة له بشيء، إلا أن أحد السفلة من أصحابه كتب به تقريرا كيديا فسحبوه.
أذكر عندما قال لي: هل تسمع صوت ذلك العنصر؟ كان صاحبي، هو من كتب بي تقريرا وأحضروني هنا.
قال لي: هل تعرف لماذا أحضروك معي هنا؟ لكي أجعلك تحس بالرعب قبل التحقيق بحديثي عما فعلوه بي ولا تأخد وقتا معهم فتعترف فورا.
وأكمل: لقد عذبوني لأربع ساعات بكل الطرق وكسروني تكسيرا لكني لم أعترف، لأني أعرف تبعات الاعتراف. لكنهم عندما يأسوا، أحضروا مقصا ووضعوه على (… ) وقالوا: بتعترف وإلا بنقص؟
قال عبد الكريم: لقد اخترعت قصصا وأحداثا لم أفعلها، وبصموني عليها.
بعد 7 سنوات تقريبا، ركبت مع صاحب سيارة أجرة في الحسكة، وبين تبادل الأحاديث ذكرت له قصة سجني وقصة عبد الكريم. وللمصادفة يقول:
مسكين عبد الكريم، إنه من أقاربي، لقد جاء خبر تصفيته تحت التعذيب في صيدنايا.
( صيدنايا) الذنب العظيم الذي لا يغتفر، ولا يجب أن يتعاطف مظلوم مع جلاده مهما حصل.