Views: 18
ترنيمة عاشق
مَنْ قالَ إنَّ الياسمينَ سَيَذبُلُ
أوْ إنَّ إنْساني بذاتي يُقْتَلُ
لا والذي أجْرى السَّحابَ مُحَمَّلاً
بالخيْرِ … إنَّ غدي أجَلُّ وأفْضَلُ
أنا ما نسيتُ بأنَّ أهْلي ها هُنا
وبأنَّ أرضي مَنْبِتي والمَوْئلُ
والذِكْرياتُ الباقياتُ بخاطِري
مِنْ نَسْجِ أيّامي … ومِنها أنْهَلُ
ما زالَ وَرْدُ الشّامِ يَعْبَقُ بالشّذا
وأريجُهُ في داخِلي يَتَغَلْغَلُ
والياسمينُ مُعَرِّشٌ في حارتي
وعلى الحوائطِ مُسْدَلٌ أوْ مُرْسَلُ
أشْتَمُّهُ وكأنَّني في نَشْوَةٍ
والطَرْفُ مِنْ مرآهُ طَرْفٌ أكْحَلُ
إنّي ابْنُ آلافِ السنينَ ولَمْ أزَلْ
حَيٌّ … وبي عَزْمٌ أكيدٌ مُذْهِلُ
أنا لَنْ أموتَ بداءِ حِرْماني وَلَنْ
تقوى علَيَّ النائباتُ وتُثْقِلُ
واجَهْتُ بالعَزْمِ الأكيدِ مَواجِعي
وبرَغْمِ ما ألْقاهُ … لا أتَزَلْزَلُ
الواهِمونَ بأنَّني مُتَرَهِّلٌ
قَدَرٌ عَلَيَّ … أعيشُ لا أتَرَهَّلُ
هذي بساتيني وإنْ قَدْ قُطِّعَتْ
أغْصانُها… فجُذورُها تتأصَّلُ
والنَّهْرُ إنْ جَفَّتْ مَرافِدُهُ لَهُ
مِنْ سَكْبِ ماءِ الهاطِلاتِ المَنْهَلُ
وإنِ ادْلَهَمَّ الّلَيْلُ في عَتَماتِهِ
فالنورُ مِنْ مِشْكاتِهِ يَتَسَلْسَلُ
أنا لا أُبالِغُ إذْ أقولُ بأنَّنا
شَعْبٌ تأبّى المَوتَ مهما يَفْعَلوا
حُمِّلْتُ مِنْ ضَنَكِ الحياةِ ولَمْ أكُنْ
مُتَثاقِلاً … وحَمَلْتُ ما لا يُحْمَلُ
فلْتَشْهَدِ الدُّنْيا بأنَّ لَنا غَدٌ
نرجوهُ إنْ صَدَقَ الجميعُ ونَأمَلُ
وتُضيىءُ في ثَبَجِ السَماءِ ذُكاؤنا
يُمْحى بِها لَيْلٌ بَهيمٌ مُسْدَلُ
وتُزَغْرِدُ النِسْوانُ في أعراسِنا
وعلى غُصونِ الأيْكِ يَشْدو البُلْبُلُ
بالحُبِّ والإخْلاصِ نَجْمَعُ شَمْلَنا
ويَطيبُ في قَلْبِ الشّآمِ المَنْزِلُ
فوّاز عابدون