Views: 4
###قصُّ الشعر وتقليم الأظافر في عشر ذي الحجة ###
نفرٌ كثيرٌ يتداولون نصوصا وليس معها الفقه المستبصر، وليس معها النظر المتأمل لأحكام الشريعة وفق ما بينه أهل العلم قديما وحديثا،ومنها: أن من أراد أن يُضَحْى وأَهَلَّ هلال ذى الحجة فليس له أن يأخذ شيئا من شعر رأسه، أو لحيته أو أظافره شيئا، ويذكرون رأياً واحداً وهو الذى يقول بالتحريم. تحريمُ أخذ شيئ من شعر الرأس، أو اللحية،أو الأظافر حتى يُضَحِّى الإنسان.
#وأقول: لا ينبغى أن يُحمل الناس على مركب واحد، وعلى رأى واحدٍ، وفى اتجاهٍ واحد.
#إنَّ حُجَّة من يقول بالتحريم يستند إلى رأى أم سلمة وهو فى صحيح مسلم، أنَّ من كان له ذبحٌ يذْبَحُه، فإذا أهلَّ هلال ذى الحجة، فلا يأخذ من شعره ولا من أظافره شيئا.
#هذا الحديث عَدَّه العلماء من مفردات أم سلمة، أى أنها انفردت به عن سائر الصحابة.
#بينما ذهب جمهور أهل العلم إلى غير ذلك، وأنه مكروه كراهة تنزيهية، بمعنى أنه يستحب للإنسان إذا ضحّى أن يترك هذه الأشياء، فإن تركها فله الثواب والأجر، وإن لم يتركها فلا إثم عليه.
#والرأى الذى أطمأن إليه وأرجحه : هو القول بالإباحة، وأنه لا تحريم ولا كراهة في هذه المسألة، ولا حرج على الإنسان في أن يأخذ من شعره، أوأظافره شيئا.
# والدليل على ذلك: أن عائشة رضي الله تعالى عنها فى الحديث المتفق عليه فى البخارى ومسلم: كتب زِيادَ بنَ أبي سُفيان إلى عائشةَ رَضيَ اللهُ عنها: إنَّ عَبْدَ اللَّهِ بنَ عَبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما قالَ: مَن أهْدَى هَدْيًا حَرُمَ عليه ما يَحْرُمُ علَى الحَاجِّ حتَّى يُنْحَرَ هَدْيُهُ. قالَتْ عَمْرَةُ: فَقالَتْ عَائِشَةُ رَضيَ اللهُ عنها: ليسَ كما قالَ ابنُ عَبَّاسٍ؛ أنَا فَتَلْتُ قَلَائِدَ هَدْيِ رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بيَدَيَّ، ثُمَّ قَلَّدَهَا رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بيَدَيْهِ، ثُمَّ بَعَثَ بهَا مع أبِي، فَلَمْ يَحْرُمْ علَى رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ شَيءٌ أحَلَّهُ اللَّهُ له حتَّى نُحِرَ الهَدْيُ.
#لقد حرَصَ الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم كلَّ الحرصِ على مُوافَقةِ هَدْيِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في جَميعِ أقوالِه وأفعالِه، وكان يُراجِعُ بعضُهم بَعضًا في ذلك.
وفي هذا الحديثِ أخبَرَتْ عَمْرةُ بِنتُ عبدِ الرَّحمنِ أنَّ زِيادَ بنَ أبي سُفيانَ – وكان يُلقَّبُ زِيادَ بنَ أبيهِ – كَتَبَ إلى عائِشةَ رَضيَ اللهُ عنها: إنَّ عبْدَ اللهِ بنَ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما كان يُفتي بأنَّ مَن أَهْدى هدْيًا – مِن الإبلِ والبَقرِ، والغنَمِ والمَعْزِ – للبيتِ الحَرامِ، فبَعَثَ به لِيُذبَحَ في الحجِّ، ولكنَّه لم يَتلبَّسْ بالنُّسكِ ولم يُسافِرْ للحجِّ،بلْ بقِيَ في مَوطنِه؛ فإنَّه يَحرُمُ عليه ما يَحرُمُ على الحاجِّ، فلا يَقرَبُ الطِّيبَ ولا النِّساءَ، ولا غيرَ ذلك مِن مَحظوراتِ الإحرامِ، ويَظَلُّ على ذلك حتَّى يُنْحَرَ هَدْيُه، فلمَّا سَمِعَتْ أمُّ المؤمنينَ عائِشةُ رَضيَ اللهُ عنها فَتْوى ابنِ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما ردَّتْ هذه الفتْوى بأنَّها مُخالِفةٌ لِما فَعَلَه رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ فقدْ كانتْ تَصنَعُ القلائدَ – وهي الأطواقُ – الَّتي كانت تُوضَعُ في رِقابِ هدْيِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ التي كان سيُرسِلُها وهو غيرُ حاجٍّ وغيرُ مُتلبِّسٍ بالنُّسكِ، ثُمَّ وضَعَها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بيَدِه الشَّريفةِ على الهدْيِ، وبعَثَ بها مع أبي بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه إلى الحجِّ سَنةَ تِسعٍ مِن الهِجرةِ لَمَّا حَجَّ بالناسِ، ولم يَلتزِمِ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بما يَلتزِمْ به المُحرِمُ، ولم يَحرُمْ عليه شَيءٌ أحلَّه اللهُ لغيرِ المُحرِمِ بحَجٍّ أو عُمرةٍ. وفى رواية: يُقِيم في أهله حلالا. ( دقق معى فى قول السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها:أنه صلى الله عليه وسلم لا يجتنب شيئا مما يجتنبه المُحْرِم).
#ثم إنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم ضحى عشر مرات فى عشر سنوات، والأضحية ليست أمرا خفيا، فلو كان النبى صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك لعلم الصحابة الكرام هذا الأمر، ونقلوا هذا نقل التواتر جيلا عن جيل، مثل ما نقلوا صلاته، وحجه، وصيامه، وكان صلى الله عليه وسلم كما ورد في الحديث لا يمتنع عن شئ مما أباحه الله تعالى من طِيبٍ ، ومن معاشرة لنسائه، ومن تقليم لأظافره. ثم إن عائشة رضي الله تعالى عنها كانت أقرب زوجات النبي إليه، وأعلم بحال الرسول .
###كل عام أنتم بخير وصحة وسعادة دائمة###