Views: 5
البُعد العاطفي والنفسي في قصيدة (أوراق مُهادن) للشاعر علي الجمل
*داود السلمان
توطئة:
منذُ مُدة طويلة نسبيا، وأنا اتابع واقرأ، ما يكتبه الشاعر علي الجمل. فهو يكتب القصيدة العمودية وقصيدة الشعر الحر، وأحسب أنّه يجيد في هذين اللونين من الإبداع، بل ومتمكّن من ذلك، وله لونه الخاص في هذا المجال، هو هويته التي يُعرف بها، في الوسط الثقافي، ولعليّ لا أضيف شيئا بهذه الاسطر التي اسطرها، وأنا اروم تحليل هذه القصيدة التي قررت أن ادخل عوالمها الجوانية، كي أكتشف ما فيها من معرفة، طالما أن النقد الذي أكتبه نقد معرفي.
والقصيدة هذه، التي يبن يديّ تعبّر عن مشاعر الشاعر وأفكاره حول الجمال والحب والشعر، وتظهر التحديات والمواجهات التي يواجهها في حياته. استخدم الشاعر لغة شعرية غنية بالصور والمجازات، مما يضيف عمقًا وجمالًا إلى القصيدة. يبدو أن القصيدة تتبع وزنًا وقافية محددين، مما يشير إلى اهتمام الشاعر بالشكل الشعري التقليدي.
ومن المعلوم أن الشعر جاء من المشاعر؛ أي المشاعر المكنونة في كيان الإنسان، وتحتل مساحة واسعة: من فكره، وعقله، وذائقته، والمشاعر هذه حين تتراكم، ويتسع طابعها داخل كينونة الانسان، فبلا شك، أنها ستفيض، والفيض هذا ينتج الابداع؛ الفنان ينتج عملا فنيا (الرسام، الممثل، السينمائي، النحات، والشاعر) وهذا العمل – الذي يقوم به الشاعر – هو مخاض عن قصيدة، هي نتاج تلك المشاعر. وهي بالوقت ذاته أشبه بعملية تفريغ، أي تفريغ تلك المشاعر. وأعتقد أن افلاطون كان مخطئ جدا، حينما أخرج الشعراء من جمهوريته، لأنّ جمهورية بلا أُناس تحمل مشاعر، ثم تحوّل المشاعر هذه إلى عمل ابداعي، لا خير في هذه الجمهورية.
وتطبيقا لما تفوهنا به بخصوص الشعر، فأن قصيدة الشاعر علي الجمل، المسماة “أوراق مُهادن” تضج في المشاعر الانسانية – العاطفية، فهي مزيج من عواطف جياشة، زائدا خيال طافح بالبُعد النفسي. هذا البُعد الذي امتزج وتلك المشاعر.
التحليل:
الشاعر يستخدم رموزًا ومجازات متعددة لتعزيز المعاني والتعبير عن المشاعر، مشاعره. على سبيل المثال، يستخدم البحر كرمز للجمال والعمق، والقلوب كرمز للمشاعر والعواطف. هذه الرموز والمجازات تضيف بالتالي، عمقًا وجمالًا إلى القصيدة. (وَإذَا المَشَاهِدُ/ تَعْتَـلِي شَهَقَاتُهَـا/ أَنَّ اِلـتَـفَـتْـتُ/ تُـحِيـطُنِي/ تَطْوِيقَـا)
و واضح هنا أنّ الرموز والمجازات التي استخدمها الشاعر أضافت عمقًا وجمالًا بلا أدنى شك، وهو واضح. على سبيل المثال، حين استخدام البحر كرمز للجمال والعمق يوحي بالانغماس العميق في عالم الجمال. كما أن استخدام القلوب كرمز للمشاعر والعواطف يشير إلى رغبة الشاعر في مشاركة مشاعره مع الآخرين، كتعبير صادق.
(سَأظَلُّ أُبْحِرُ/ بِالـجَمَـالِ طَلِـيـقَـا/ لِأُرِيقَ شِعْرِيَ/ لِلـقُـلُـوبِ رَحِيـقَـا)
الشاعر، بهذا، عبّر عن نفسه كشاعر متيّم، مما يشير إلى أهمية الشعر كوسيلة للتعبير عن الذات، وهو في مواجهته للتحديات والمواجهات، مما يوحي بالشجاعة والتصميم في تحدي المخاطر، مهما كانت.
وبالتالي القصيدة تترك أثرًا عاطفيًا قويًا لدى القارئ، مما يشير إلى قدرة الشاعر على التعبير عن المشاعر الإنسانية بصدق وعمق منقطعيّ النظير. يمكن القول إن هذه القصيدة تعبّر عن تجربة الشاعر الشخصية والعاطفية، وتظهر قدرته على التعبير عن مشاعره وأفكاره بطريقة جميلة ومؤثرة.
(وَإذَا المَشَاهِدُ/ تَعْتَـلِي شَهَقَاتُهَـا/ أَنَّ اِلـتَـفَـتْـتُ/ تُـحِيـطُنِي تَطْوِيقَـا)
من خلال هذه القصيدة، يمكننا أن نرى كيف يستخدم الشاعر اللغة الشعرية لتعزيز المعاني والتعبير عن المشاعر النبيلة. كما يمكننا أن نرى كيف يظهر الشاعر شجاعته وتصميمه في مواجهة التحديات بصلابة وشموخ.
ومن حقنا القول أن الجمال والحب يظهران كمواضيع رئيسة في القصيدة، حيث عبّر الشاعر عن عشقه للجمال ورغبته في مشاركة مشاعره مع الآخرين. الألم والشوق يظهران أيضًا كمواضيع مهمة، حيث عبّر الشاعر عن الألم الذي يعانيه والشوق الذي يملأ قلبه.
ويمكن أن نوضّح بأن الشاعر عبّر عن الشوق والحنين، مما يوحي بالرغبة في الاقتراب من الحبيب أو الشيء المحبوب، كبُعد نفسي. كما عبّر عن الألم والزفرات، مما يشير إلى شدة العاطفة والتأثير الكبير للحب على حياته.
وفي هذا القصيدة كان الشاعر قد تترك أثرًا عاطفيًا قويًا لدى القارئ، مما يشير إلى قدرته على التعبير عن تلك المشاعر الإنسانية بصدق وعمق، ونُبل لا يضاهى.
النص:
(أوراق مُهادن)
سَأظَلُّ أُبْحِرُ
بِالـجَمَـالِ طَلِـيـقَـا
لِأُرِيقَ شِعْرِيَ
لِلـقُـلُـوبِ رَحِيـقَـا …
.
وَأُلاَمِسُ الأَسْمَاعَ
حِيـنًـا وَالـرُؤَى
وَتَـمُـدُّ أَهْـدَابُ
الـعُـيُونِ بَـرِيقَـا …
.
وَأُسَامِرُ
الأَنْـفَـاسَ
يَعْـصِفُ شَوقُهَا بِالعَاشِـقِـيـنَ
وَيَـسْتَـحِـيلُ
حَرِيـقـَا …
.
وَبِهَـا أُجَـدِّدُ
بِالحَـنِـينِ
لَوَاعِـجًا
تُذْكِي الجَوَانِحَ
زَفْرَةً وَشَهِيـقَـا …
.
وَأنَا أُلَـمْـلِـمُ
مِنْ مَحَارِ
قَرِيـْحَةٍ
مَا بَاتَ فِي
وَجَعِ السِـنِـينِ
غَرِيقَـا …
.
وَأكَادُ أُرْجِعُ
مَا جَـنَـيتُ
بِـمَدْمَعِي
فَإِذَا بَكَيتُ
نَـظَـمْـتُ مِنْهُ
عَـقِـيقَـا …
.
وَإذَا المَشَاهِدُ
تَعْتَـلِي شَهَقَاتُهَـا أَنَّ اِلـتَـفَـتْـتُ
تُـحِيـطُنِي
تَطْوِيقَـا …
.
وَعَلَى الكَرَاهَةِ
مَوطِنٌ
وَدَّعْتُهُ
أَنْـكَـرْتُ فِـيـهِ
حَبِـيـبَـةً وَصَدِيقَـا …
.
وَبِخَافِقِـي
صُنْـتُ المَوَدَّةَ
عَـازِمًـا
أَلاَّ يُخَـالِطَ
صِدْقُـهَـا
الـتَـلْــفِــيقَـا …
.
حَـسْبِي الذِي
أَهْدَرْتُهُ
أَو عِرْتُهُ
قَدْ كُـنْـتُ أَولَى
بِـالـسُلُـوِّ
خَـلِيـق