لبـّى المُنِيب / الشاعر عبد الملك العبادي

Views: 6

((لَــــــبّــــــى الـــمُـــنِـــيــب))

لـبَّـى الـمُـنِيْبُ، وَأَحْـرَمَ الـمُشتَاق
وتــسَـابَـقَ الأخــيَـارُ والـعُـشَّـاق

لَـبِسُوا مـع الإحْـرَامِ كـلَ فـضيلةٍ
ولـهـمْ إلـى قِـمَمِ الـحِجَازِ سِـبَاق

مـرّوا بـوادي الـرّقمتينِ وانشدوا
والـشّـوقُ فــي خـلجاتِهِمْ دفّـاق

وأنـا الـحَبِيْسُ بـزلّتي وخطيئتي
ضـاقـت عـلـيَّ بـوسـعِهَا الآفـاق

يــا راحـلينَ دِيَـارَ “مـكةَ” إنَّ لـي
قـلـبًا إلــى “أُمِّ الـقـرى” يـشـتَاق

ألـبـستُهُ حُـلَـلَ الـغرامِ فـأمْطَرَت
مـثـلَ الـسّحَابِ بـخدِّهِ الأحـدَاق

سـفراؤنَا فـي الـحَجِّ أنتمْ بعدَ ما
جــارَ الـنـوى، وتـغـلغلَ الإمــلاق

أنــتـمْ خِــيَـارُ رِجَـالِـنَا وَنِـسَـائِنَا
وبــكـمْ سـيـغفِرُ ذنـبَـنَا الـخـلّاق

أنـتـمْ نـجـومُ سـمـائِنَا وفـضـائِنَا
نـــورٌ تــألـقَ فــي الـسّـما بَــرّاق

أنــتـمْ أريــجُ نَـسِـيْمِنَا وهـوائِـنَا
ولـكمْ إلـى داعـي الـهُدى أشوَاق

فَـصِـلوا فـؤادَ الـمُسْتَهَامِ بـحبِّكُمْ
وادعــوا فــإنَّ دعـاءَكُـمْ سـبَّـاق

وتـحـقّقوا بـالـحَجِ فــي عـرفاتِهِ
تـحـنو لـكمْ مِـنْ بـعدِهَا الأعـنَاق

فـالحَجُ لـيسَ عَـبَاءَةً نَـسعى بِـهَا
وَدِمَــاءُ غــزّةَ فـي الـتُّرَابِ تُـرَاق

الــحَـجُ أن تَـفِـدَ الـقـلوبُ لِـرَبِّـهَا
وفـدَ الـمُنِيْبِ يَـسُودُهَا الإطْـرَاق

الـحَـجُ أن نـسـمو عـلـى أهـوائِنَا
حــتـى يُــبَـدِّدَ لِـيْـلَـنَا الإشــرَاق

الــحَـجُ قُــرْبٌ مَـنْـسَكٌ وبــراءَةٌ
مِــنْ كـافـرٍ أو مَــنْ كـسَاهُ نِـفَاق

الــحَــجُ ألّا نَـنْـحَـنِـي لـمَـحَـارِبٍ
وَسِـهَـامُـهُ فـــي قـتـلِنَا تـنـسَاق

الـحَـجُ أن نَـقـضِي عـلى أعـدائِنَا
وتـسُـوْدُ فــي أوطـانِنَا الأخـلاق

يـا حـظّهُمْ طـافوا وفازوا بالمُنى
ولــهـمْ مـــعَ مـــا نـالـهُمْ إنـفَـاق

عـرفاتُ رِفـقًا بـي فقد ذاقَ العنَا
قـلـبي، وهـدَّ مـفَاصِلي الإخـفَاق

وتـلاطـمَ الـليلُ الـبَهِيْمُ بـداخلي
لــمّــا دعــانِـي لــلـودَاعِ رِفَـــاق

وقـفوا عـلى عـرفاتِ صفًا وحدًا
وقـلوبُهُمْ فـي الـصّالِحَاتِ وِفَـاق

عـرفـاتُ وَحَّــدْتَ الـقلوبَ بِـرَبِّهَا
فَــلِـمَ تُــفَـرِّقُ شَـمْـلَـنَا الأورَاق؟!

ولـمَ الـخِلَافُ، وقـد تـناثرَ لَحْمُنَا
وتـطـاولت فــي ثَـلْبِنَا الأبـوَاق؟!

وإلى متى هذا التباينُ في الرؤى
وقـرَارُنَـا فــي الـنَائِبَاتِ مُـعَاق؟!

ومَــن الّــذي بــثَ الـتذمّرَ بـيننَا
عـمدًا لِـيَبْرُزَ فـي الـبِلَادِ شِقَاق؟!

يــا أُمّــةٌ لـعـبَ الـصّليبُ بـأهلِهَا
وإلــى شِـبَـاكِ الـكـافرينَ تُـسَـاق

لا تـخذلي الأقـصى، ولا تـتنكّري
وتـأمّـلي مـا ذا حـوى الـمِيْثَاق؟!

يـــا ربِّ وارحـمـنَا بـجـاهِ نـبـيّنَا
أنـتَ الـرّحِيْمُ وقـولُكَ الـمِصْدَاق

واجـمعْ شـتاتَ قـلوبنَا وشـعوبِنَا
حــتـى يَـعُـمَ بـأرضـنَا الإشـفَـاق

وانـصـرْ بــلادَ الـمُسْلِمِيْنَ وأهـلَهَا
لِـيَـسُودَ فــي أرجـائِـهَا الإحـقَاق

وصـلاةُ مـولانَا عـلى خيرِ الورى
مــا جــادَ غـيثٌ أو هـمت أرزاق

والآلِ والأصـحَابِ مـا ريحُ الصبَا
هبّت، وأومضَ في السما الإبرَاق

عــبــدالــمــلــك الـــعـــبَّـــادي.