Views: 24
سعد الله بركات… صوت وفيّ للإبداع ومرآة للمشهد الثقافي العربي
* بقلم الأديب المصري ناصر رمضان عبد الحميد
لم يكن الإعلامي والكاتب سعد الله بركات مجرد اسم يمر في عناوين المقالات أو على صفحات المجلات، بل كان صوتًا صادقًا، وضميرًا يقظًا في المشهد الثقافي العربي، يتتبع خطوات الكلمة الحرة، ويحتفي بأهلها بوفاء نادر وموضوعية لا تشوبها مجاملة.
كتب عني الكثير، وتابع تجربتي الشعرية والفكرية بعين الناقد المسؤول والمحب في آن واحد. خصني بعشرات المقالات والحوارات، خاصة عبر منبر مجلة “أزهار الحرف”، التي كانت ولا تزال نافذة مشرقة للثقافة العربية، حيث ساهم من خلالها في تسليط الضوء على تجارب شعراء وكتاب من مختلف الأقطار.
من أبرز ما نشره عن تجربتي مشاركته النقدية في ندوة الملتقى الأدبي عام 2024، من خلال دراسته التي وثقتها في كتابي “النص بين الشكل والمضمون”، كما كتب قراءة معمقة في ديوان الشاعرة مريم كدر “على رصيف الحلم”. وقد تخللت مشاركته إشارات ناقدة إلى تجربتي الشعرية، وإلى تجربة الشاعرة مريم كدر شاعرة (صدد) وياسمينة سوريا المثقفة مشيرًا إلى البعد الإنساني والتأملي في قصائدها وما تحمله من رؤى جمالية تتقاطع مع هموم الذات والوجود.
كما تناول تجربتي مباشرة في دراسة نقدية بعنوان “الشاعر ناصر عبد الحميد؛ أديب قيم وشاعر رؤى”، نشرت في كتابي “نوافذ الأمل”، الصادر عن دار رنة بالقاهرة عام 2023، حيث توقف عند محطات بارزة من نتاجي الشعري، محللًا خصائص اللغة والرؤية والبنية في أعمالي، ومؤكدًا أنني أنتمي إلى تيار الشعر القيمي، الذي يدمج بين العمق الأخلاقي وحرية التعبير الجمالي.
وفي كتابي النقدي “ثمن الحرية”، الصادر عن دار إسكرايب بالقاهرة في نيسان 2024، نشرت ما كتبه من قراءة نقدية مفصلة حول ديواني “نزيف الغربة”، حيث أبرز كيف تتجسد معاناة المنفى في قصائدي، وكيف تتحول الكتابة إلى مقاومة، وإلى صرخة وجودية مشحونة بالحس الإنساني العابر للحدود.
ولم يقتصر دوره على الكتابة عن تجربتي، بل عُرف بحواراته العميقة التي أجراها مع أصوات شعرية عديدة، منهم الشاعرة ندى يوسف، والشاعرة نازك مسوح، والشاعر الأردني راشد عيسى حيث لم تكن حواراته مجرد أسئلة وأجوبة، بل لقاءات فكرية تنبض بالحياة وتتجاوز السطح إلى جوهر الإبداع.
كما كتب عن الشاعرة التونسية منى الماجري و هدى عبد الغني، وسلط الضوء على تجربتها ومساراتها المتعددة في التعبير عن الذات الأنثوية وقضايا المجتمع، وقدمها كنموذج لصوت شعري صادق لا يهادن ولا يبتذل.
إنني أقدر ما فعله سعد الله بركات بحق تجربتي، فهو لم يكتب عني كصديق أو كمعجب، بل كتبني كظاهرة شعرية لها جذورها واتجاهاتها وتحولاتها، وتعامل مع نصوصي ككيانات مستقلة تستحق القراءة الجادة، لا المجاملة العابرة.
إنني أعتبره أحد الأصوات النادرة في الإعلام الثقافي، ممن يمارسون النقد والإعلام من موقع الشغف والمعرفة، لا من منطلق الاستعراض أو التبعية. وهو واحد من أولئك القلائل الذين يدركون أن الإعلام الثقافي ليس مجرد مساحة للخبر، بل هو حاضنة للفكر، وميدان لحماية الإبداع العربي من النسيان والتهميش.
في النهاية :
يبقى سعد الله بركات شاهدًا حيًا على نبض القصيدة العربية، وضميرًا نزيهًا في ساحة الإعلام الأدبي. لقد أضاء بعض زوايا تجربتي وساهم في إبراز صوتي وسط ضجيج المرحلة، وأفخر بأنه من الذين كتبوا عني بصدق ووعي، كما أفخر بأن نصوصي كانت جديرة بأن تقرأ بعين نقدية مسؤولة كعينه. فله كل التقدير والمحبة، ولكل من يحمل هم الكلمة ويدافع عنها بالحبر والضمير.
*ناصر رمضان عبد الحميد
#عضو اتحاد كتاب مصر
#رئيس ملتقى الشعراء العرب
# رئيس تحرير مجلة أزهار الحرف