Views: 18
الحكي بسرك
دمشق – محمد الحلبي
تدأب الحكومة على صياغة وتعديل قانون مكافحة الجريمة الإلكترونية، والمُطَّلع على مسودة القانون يجد أن التعديلات الجديدة هي عبارة عن تقييد لحرية الرأي والتعبير، ويحذر من انتقاد عمل المؤسسات ورجالات الحكومة على وجه الخصوص، حيث يأتي تعديل هذا القانون بعد السخط الكبير من الشارع السوري على أداء عمل الحكومة وخاصة في الآونة الأخيرة، حيث ضربت مستويات التضخم أرقاماً قياسية، ولم تعد عقول المواطنين قادرة على استيعاب مايحدث على أرض الواقع وسط غياب المشاريع الاستثمارية التي من شأنها أن تُحسِّن الواقع الإقتصادي، وإصرار الحكومة على إتّباع سياسة جباية الأموال والتضييق على الحياة المعيشية للمواطن، وماتعطيه إياه الحكومة بيده اليمنى تأخذه أضعافاً باليسرى، حتى أصبح المواطن الواحد يعمل بأكثر من مهنة إذا ما أراد العيش ولو بأقل مقومات الحياة المعيشية، ليجد الشارع السوري في الواقع الإفتراضي بريداً سريعاً للمعنيين لإيصال رسائله وانطباعاته عن القرارات التي تتخذها الحكومة بطرق شتى.. بعضها ساخر وأخر جارح أحياناً.. وباعتقادنا أن الحكومة وجدت نفسها مضطرة لكبح جماح هذا السيل الجارف من الانتقادات لعملها، ولو بتشريع قانون يسلط على أقلام الناشطين للسيطرة على ردود أفعاله.
تعديلات
قانون مكافحة جرائم المعلوماتية الجديد فرض عقوبات رادعة تصل غراماتها إلى ملايين الليرات، والحبس لسنوات مختلفة لكل من ينتهك شروط النشر التي فصلها واضعي بنود القانون حسب رؤيتهم ومفهومهم لحرية النشر.. ونسوا أو تناسوا أن معظم الصفحات التي تتجاوز آداب النشر هي صفحات خارجية وتُدار من خارج البلاد بطرق ممنهجة..
إذاً لماذا التضييق على المنابر الوطنية التي كانت ولازالت تنتقد وتضع الحلول؟ وغالباً مايؤخذ برؤية كاتب المقال بعد تصويب أخطاء المؤسسات الحكومية التي تدار من خلف المكاتب ولا علاقة لها بالحياة المعيشية للمواطنين؟ وما تردي الواقع الاقتصادي للبلاد إلا دليل على صحة كلامنا..
حذف الصفة الاحترافية:
أخطر ثلاث كلمات في بنود القانون.. فإذا ما تم إقرار هذه الكلمات الثلاث ضمن القانون فهذا يعني أن كل ما ينشر على مواقع التواصل الاجتماعي بما فيها الصفحات الخاصة ستصبح خاضعة لبنود القانون الجديد، وبالتالي ستصبح مساءلة كاتب المنشور أو المقال عن أي رأي لا يعجب مسؤولاً أو حتى موظفاً أو حتى ولو مواطن عادي خاضعة لمزاجية المعني بالمنشور، أو حتى لو تم تفسير المنشور بغير محتواه إن كانت العبارات قابلة للتأويل، أي أن كاتب المقال أو المنشور سيحاسب إذا ماتمَّ تأويل كلماته حتى ولو لم يكن يعنيها، وقد تصل عقوبة المؤول كلامه بالحبس من 3_5 سنوات، والغرامة من 2_4 مليون ليرة سورية ..
أما إن كان المنشور يتطرق إلى جهة عامة مهما كانت صفتها وزارة – إدارة- مؤسسة- منشأة – وحدة إدارية، فإن المنشور قد يودي بصاحبه إلى خلف القضبان إن لم يعجب من قصده المنشور أو قام بتأويله بما تهوى نفسه..
حقوقيون..
المحامي منيب هائل اليوسفي وعلى صفحته الشخصية على الفيسبوك أبدى رؤيته القانونية لبعض أحكام قانون مكافحة جرائم المعلوماتية الذي طرح تحت قبة مجلس الشعب حيث قال:
“همسة في أذن المشرع”
تعقيباً على تعديل بعض أحكام قانون مكافحة الجرائم المعلوماتية والتي تعاقب على نشر أخبار ماسة بهيبة الدولة أو الوحدة٨ الوطنية أو تثير الرأي العام أو تنال من كرامة موظف عام ..الخ.
من حيث المبدأ لا يجوز التضييق على المواطن ومنعه من انتقاد الأداء الحكومي تحت ستار أن ذلك يمس هيبة الدولة ، كما لا يجوز كم الأفواه عندما تطالب بمكافحة الفساد الذي يرتكبه أي موظف عام مهمها كان المنصب الذي يشغله ، مما يتنافى مع قدسية الوظيفة والكرامة الشخصية .. بل إن ذلك من حق المواطن الصالح و واجبه توخياً للمصلحة الوطنية وحسن تطبيق القانون.. لذلك يعتبر التضييق على المواطن والحد من حريته وممارسة الإرهاب الفكري عليه تحت أية ذريعة كانت مخالفاً لأحكام الدستور العتيد الذي ينص على ما يأتي:
المادة ٣٣
١ – الحرية حق مقدس وتكفل الدولة للمواطنين حريتهم الشخصية وتحافظ على كرامتهم وأمنهم.
المادة ٤٢
٢ – لكل مواطن الحق في أن يعرب عن رأيه بحرية وعلنية بالقول أو الكتابة أو بوسائل التعبير كافة .
وعليه اقتضى التنويه .