Views: 3
(مطارحات شعرية)
ـ 34 ـ
{بين أبَان بن عبد الحَميد اللَّاحقي وأبي نُوَاس}
روى العتبيُّ أنَّ أبانَ بْنَ عبدِ الحميدِ اللَّاحقيّ صار إلى محمد بن
منصورٍ، فسأله إيصالَ رقعةٍ إلى الفضْلِ بْنِ يحيى بن خالدٍ،
فأوْصَلها إليه، وفيها:
أنا مِـن بُـغــيَـة الأمـيـرِ وكـنـزٌ مِن كــنــوزِ الأمـــيـــرِ ذو أربــاحِ
كـاتـبٌ حـاسبٌ خطـيبٌ أديـبٌ نـاصِـحٌ راجـحٌ عــلــى الـنُّـصَّــاحِ
شاعـرٌ مُـفـلِـقٌ أخَـفُّ مِـن الـرِّيـــــشةِ مِــمَّــا تـكـونُ تحـت الـجَـنـاحِ
ليَ فــي الـنَّـحـوِ فِـطـنـةٌ ونـفــاذٌ لِـيَ فــيــهِ قِــــــــلادةٌ بــوِشــاحِ…
لستُ بالضَّخمِ يا أميري ولا الفَدْ مِ ولا بـالـمُـجَـحـــدَرِ الـدَّحـــــداحِ
لِـحـيَـةٌ سَـبـطةٌ ووَجـهٌ صَبـيـحٌ واتِّـقـــادٌ كـشُعــلَـةِ الـمِـصــبـــاحِ
وظريفُ الحديثِ من كُلِّ لَـوْنٍ وبَــصــيـرٌ بحــــــالـيــاتٍ مِــلاحِ
كمْ وكمْ قد خبَّأتُ عندي حديثًا هُـــوَ عــنـد الـمـلـوكِ كالـتُّــفَّــــاحِ
إنْ دعاني الأمـيـرُ عايَـنَ منِّي شَـمَّـريًّـا كـالــــبُـلْـبُــلِ الـصَّـيَّــاح
فردَّ عليه أبو نُواسٍ بعد ما دعا به الفضل وأحسَنَ جائزتَه:
أنـتَ أوْلى بـقِـلَّـةِ الحَـظِّ مِـنِّي يـا مُسَـمَّـى بــالـبُـلْـبُـلِ الـصَّــيَّـاحِ
قـد رأَوْا منه حين غنَّى لديهم أخرسَ الصَّوْتِ غيْرَ ذي إفصاحِ
ثُم بالرِّيشِ شبَّه النَّفسَ في الخِفَّــــةِ مِـمَّـا يَــكــون تـحـتَ الـجَـنــاحِ
لمْ يكن فيكَ من صفـاتكَ شيْءٌ غـيْـرَ خَــلْــقٍ مُـجَـحـدرٍ دَحـــداحِ
لِـحـيَـةٌ جَـعـدةٌ ووَجــهٌ قـبـيـحٌ وانـثـنـاءٌ عـن الـنُّـهى والـصَّلاحِ…
فـالَّـذي قلتُ فيك باقٍ صحيحٌ والَّـذي قـلْـتَ ذاهـبٌ في الـرِّياح
(الفكاهة في الأدب. د. أحمد محمد الحوفي ج 2 ـ ص 27 ـ 28
وكتاب العقد الفريد ج4 ص 286 بتصرُّف)
(رجل فَدْمٌ: ثقيلُ الفهم، غبيٌّ. والمُجَحدَرُ: القصير. والدَّحداح:
القصير كبير البطن، وقيل: المستديرُ المُلملم. لحيةٌ جعدة: عكس
سَبطة. والشَّمَّريُّ: الأشدُّ مضاءً في أمره.)
محمد عصام علوش
Discussion about this post