Views: 9
المشيب
الشاعر الدكتور جهاد صباهي
ماضيةٌ هي الأيام
الكلُّ في زِحام
لا فرقَ بين عاشقٍ
ومُلام
بين قلبٍ على عرشِ الحبِ أميرْ
وآخرَ في سوقِ العشقِ
صار رُكامْ
لا فرقَ بين ضَحكٍ وبكاءْ
فرحٌ زيّنَ الأرضَ
أو وجعٌ لوَّنَ بالأسودِ
زرقةَ السماءْ
كلُهُ على أرصفةِ العمرِ سواءْ
تتساقطُ أحلامي ميّتَةً
على جانبيها تنمو الجدرانْ
أكفنُها بحمائمَ بيضاءَ
و ريامْ
تفرّ ُواحدةٌ منها إلى قلبيْ
تجلو الصدأَ المتهالكَ على جسديْ
أتبعُ لمعانَ أساورِها
أجرُّ خلفي عربةً محملةً
بالأوهامْ
وكأني أسيرُ
خلف جنونٍ يقودُني إلى حتفيْ
خلفَ أحلامٍ عالقةٍ في الهواءِ
تَبكيها رياحُ
المشيبْ
إنه لأمرٌ عصيبْ
حطُّت في قلبيْ
مثلَ فراشةٍ ترفرفُ بجناحيها
ساعةَ المغيبْ
ملأَتهُ ببحرٍ من الورودْ
لا أقوى على العومِ فيه
كلما حاولتُ أن أُدركَ سحرَهُ
تخورُ قَوايْ
لامفرَ من الاعترافْ
وعشقُها يتدفقُ من مساماتِ جلديْ
سأستردُ قلبي الذي نسيتُه هناكْ
لأُطلِقَهُ عاشقاً يفرُّ
من فم الغَمام
أُغمضُ عينيَّ لأراها
بين جفنيَّ يسكنُ وجهُها
كأنَّه نهرٌ من نخيلٍ يركضُ في رأسيْ
يسلبُني نبضَ قلبي وبأسيْ
أعادَ إلى عمري صداهْ
صار بمقدوري التخلي عن عصاي
وتحريرَ جسدي المليءِ بالثقوبْ
أروضُ خوفي من الظلام ْ
أُخبىءُ في جيبه أوجاعَ
المشيبْ
إنه لأمرٌ عصيبْ
ينتابني خوفٌ رهيب
ما من فراشةٍ تبعتُها
إلا وكان لها من الوجعِ
نصيب
أضعُ رأسي على ذراعِها القلقةِ
ولا أنامْ
كأنَّ قامتي نخلةٌ طريحةٌ على حائطِ النسيانْ
كأنَّ مشاعري كرةٌ من الوهمِ
أدحرجُها وأركضُ خلفها
كأنني قادمٌ على ظهرِ أغنيةٍ
خبا بريقُها
لأقاسمُها الغرامْ
أُطلقُ يدي في الهواءْ
أُطلق يدي في الهواءِ
ألوحُ للألمِ المتسربِ من شقوقِ السنينْ
أُحاولُ ردمَها بخردةٍ من الأحلامْ
قبلَ أن يتبعَ خطوطَ يديْ
من يومِ ولادتيْ
إلى فنجانِ قهوتيْ
يكشفُ صريرَ بكائي الدفينْ
يُعرّي أوجاعي أمامَ حشدٍ من المرايا
يتوغلُ في قلبي
يفتحُ البابَ على مصراعيه
يحررُ آلافَ الفراشاتِ المحترقةِ فيه
أُغلقُ يدي قبل أن يكشفَ المزيد
يتسربُ من بينِ أصابعيْ
عجزُ المشيبْ
إنه لأمرٌ عصيبٌ
إنه لأمرٌ عصيبْ
د جهاد صباهي
Discussion about this post