Views: 11
ربيـع وخـريف
==========—————- الشاعر حسن منصور
**********
شاخَ الـزّمـانُ فلا حُـبٌّ ولا غَــزَلُ || وَصارَ جُـرْحُ الهَوى خَدْشاً وَيَنْــدَمِلُ
وكيْف يعـشقُ مَنْ مَـلَّ الحَـياةَ وفي || أكْـنافِـهـا الـهَــمُّ وَالّـلأواءُ وَالـعِــلَــلُ
وكيفَ يَعْشقُ مَنْ طـالَ الـزَّمـانُ بِهِ || وَظَـلَّ يَـذْوي عَـلى مَـهْــلٍ وَيُخـتَـزَل
حـتّى اسْـتَحــالَ إلى أشْــلاءَ بالِــيَةٍ || وَإِنَّـهُ سـالِـكٌ دَرْبَ الـــذيـنَ بَـلــــوا
وكـيْفَ يَعـشـقُ مَـنْ دُنْـيـاهُ تَـرْكُـلُـهُ || كَـأنَّـهُ كُـــرَةٌ يَلْـهـــو بِهـــا رَجُـــــل
يُريدُ إُخْــراجَهـا مِنْ مَلـعَـبٍ وَعِــرٍ || مــا عــادَ فـيـهِ لَهــا دَوْرٌ وَلا عَـمَـل
وَالمـرْءُ يَسعـى بِجِـدٍّ وَهْوَ ذو أمَـلٍ || وَيَـنــتَهي سَــعْــيُهُ إِنْ فـــاتَهُ الأَمَــل
لمْ يَـبْـقَ لي أمــلٌ لَـلـحُـبِّ يَدْفَـعُـني || ولـيسَ لي فــيهِ إِغْــراءٌ وَلا قِــبَـلُ
وَهــلْ يُعـــيـدُ إلـيَّ العُـمْــرَ ثانِــيَـةً || ذوو الفضائِلِ إنْ جادوا وَإِنْ فَضُلوا
***********
وَرُبَّ غــانِـيَـةٍ قــالــتْ أحِــبُّـكَ يا || كلَّ المُـنى رُغـمَ أَنَّ الشَّعْرَ مُشتَعِـل
قلتُ اسْمَعي يا رَعاكِ اللهُ وَاتَّئِدي || لـوْلا التَّـأنّي لَما ساسوا وَلا عَـقَــلوا
انتِ الرّبـيـعُ بهِ الأزهـارُ ناضِـرَةٌ || أنا الخــريفُ وَفي أغْــصـانِـهِ عِـلَـل
أيَنْـبُتُ الزهرُ في غصْنٍ بهِ تَـلـفٌ || والمــاءُ جَـفَّ بهِ والرَّوْنَقُ الخَــضِل
وكيفَ نرْبِطُ أزهارَ الربيعِ بِأغْــــــ ـصانٍ ذَوَتْ، بِاصْفِرارٍ عُـمْقُهُ الأجَل
يمامَـةٌ أنتِ كلُّ الأرضِ تَعْـشقُـهـا || وَالرَّوْضُ هَـشَّ لَها والسَّهـلُ والجبَل
يمـامَـةٌ أنتِ في الآفــاقِ سارِحَــةٌ || ولسْتِ تائِـهَــةً ضـاقَـتْ بكِ السُّــبُـل
فَبادِري معْ رِفاقِ العُـمْرِ لا تَقِـفي || بِالـبـابِ حــائِـرَةً وَالـنّـاسُ تَـهْــتَـبِـل
***********
قدْ كُنتُ مِثْـلَـكِ أيّامَ الصِّـبا نَشِـطاً || إنْ فـاتَني النَّـوْمُ لا شَكوى ولا كَـلَـل
وكنتُ قبْلـَكِ مِثلَ الطـيْرِ مُنطَلِـقــاً || ولمْ يَكُـنْ شـاغِــلي يَـأسٌ وَلا كَـسـل
يُشَـقْـشِقُ الفَجْرُ والأنوارُ توقِظُني || وَصُـبْـحُـنا مَهـرَجـانٌ مـا لَـه مَــثَـل
وَالطـيرُ يَصْدَحُ بِالألحانِ ساحِـرَةً || بِعُــشِّهِ فَــرِحــاً يَشْــدو وَيَحْــتـفِــل
يَرى حَـبـيـبَـتَـهُ صـارتْ رَفـيقـتَه || وَعَــمَّ عُــشَّـهُـمُ الأفْــراحُ وَالجَـــذَل
وَمِلْءُ عَـــيْـنِهُمُ الدّنْيا وَبَهْجَــتُهــا || وَالشمـسُ دافِــئـةٌ وَالجَــوُّ مُـعْــتَـدِل
والرَّوْضُ مِن حَوْلِهِمْ أثْمارُه عَسلٌ || وَعَنْهُمُ الصَّقـرُ وَالصَّيّادُ قـدْ غَفـلوا
وَتِلكَ مَــرْحَـلةٌ جـاوَزْتُهـا وَمَضتْ || وَلـنْ تَعـــودَ وَلا الأيّـامُ تَحْــــتَـمِــل
أنا الخَـريفُ فَـلا حُـبٌّ وَلا غَــزَلٌ || أنتِ الرَّبـيـعُ فَـلا يَأسٌ وَلا عَــطَــل
وَأنتِ ظــالِمةٌ إذْ تَجْـمَـعـينَ مَعــاً || فَصْليْنِ ما اجْـتَمَعا وَالأرْضُ تَنْـتَقِـل
عـيشي حَياتَكِ مَعْ جيلٍ يُناسِـبُهـا || لِـتَسْـتَـقـــيـمَ لـكِ النُّعْــمى وَتَكْـتَـمِـل
وَهــذِهِ سُـنَّةٌ في الكَــوْنِ جــارِيَـةٌ || وَلـمْ يَكــنْ غَــيْـرَهـا دربٌ ولا بَــدَل
وإنَّ ذا العقلِ لا يَرْضى بِناقِــصَةٍ || وَلـيْسَ يَخْــدَعُـــهُ عـنْ دَرْبِـه حِــوَل
********************************************************
الشاعر حسن منصور ـ المجموعة الثالثة عشرة، ديوان (قناديل على الطريق) ص 93
Discussion about this post