Views: 13
شهرُ رمضانَ .. نفحةٌ ومنحة
1ـ التكريم
كان من حظِ هذا الشهرِ المباركِ ( شهرُ رمضانَ ) أن أنزلَ اللهُ فيه الوحىَ بالقرآنِ الكريمِ لأولِ مرةٍ على قلبِ خاتَمَ النبيين والمرسلين محمداً صلى اللهُ عليه وسلم ، لتبدأ بهِ الحِقبةُ الأخيرةُ ، أو المرحلةَُ الأخيرةُ فى رحلةِ الإسلام ومسيرته ، وهو الدينُ الحقُ للبشريةِ .
ولما كان نزولُ الوحىِ بالرسالةِ هو النزولُ الأخيرُ له ، كان للزمانِ وللمكانِ فى تلَّقى الأرض الأول من السماءِ شأنٌ وأى شأن .. ذلك أن نزولَ الإسلامِ فى رحلتهِ الأخيرةِ إنما هو ـ لأولِ مرةٍ ـ نزولاً عاماً بعد أن كان خاصاً لقومِ النبى هذا من ناحيةٍ ، ثم من ناحيةٍ أخرى ، أنه نزلَ ليبقى ببقاءِ الدنيا ويدومُ بدوامها إلى قيامِ الساعةِ حتى بعد موتِ الرسول ، ليعيش هو بذاته دونَ دعمٍ من إنزالٍ جديد ، بينما كان من قبلُ ينتهى بموتِ النبى أو الرسول ويُحرف .
من هنا جاءَ الشأنُ والأهميةُ لكلِ المتلاقيات ماكان منها عاقلاً كالوحى بالقرآنِ والرسولُ المُنزل عليه ، أو غيرَ عاقلٍ كالزمانِ والمكانِ ليشهد الأربعةُ حدثاً جللاً وأخطر ظاهرةٍ كونيةٍ على الإطلاق وهو إتصالُ السماءِ بالأرضِ مرةً أخرى بعد إنقطاعٍ وعلى فترةٍ من الرسلِ غير أنه الإتصال الأخيرِ ليكون جديراً بحلولِ البركة على كلٍ من الزمانِ والمكان .. غير أن المكان الذى لم يُذكرَ مقرونا بهذا الحدثِ فى لحظته الأولى المباركةِ كذكرِ الزمانِ المقرونُ به ، نرى فيه أنه قد أُخْتُزِلَ فى قلبِ الرسولِ صلى اللهُ عليه وسلم ليكونَ هو المكانُ فى مقابلِ الزمانَ وهو شهرُ رمضانَ المبارك الذى أُنزلَ فيه القرأنُ كما قال الحقُ جلَّ جلاله :
” شهرُ رمضانَ الذى أُنزِلَ فيه القرآنُ هُدىً للناسِ ” فكان هذا هو السببُ الرئيسُ فى تكريمِ هذا الشهر العظيم ، ومن ثَمَّ فُرضَ فيه الصيامُ بقولِه تعالى :
” فَمْنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشهرَ فليصمهُ ” وتلكَ هى المنحةُ ليتحول بها الزمانُ الغيرِ عاقلٍ ممثلاً فى شهرِ رمضانَ المباركِ إلى كيانٍ أعقلَ بكثيرٍ من أمثالِ أباجهلٍ وأبا لهبٍ والوليدُ وعُتبة ، وتلك هى النفحةُ ، فمباركٌ على أمتنا ….
وكلُ عامٍ وحضراتكم بخير .
ياسرشلبى محمود
كاتب ومفكر
Discussion about this post