Views: 0
لغتنا الجميلة
في ما يجوز للشاعر
تحدثنا في بحث سابق عما لا يجوز للشاعر استعماله
و اليوم نبحث عما يجوز له
أجاز الشعراء للشاعر بعض الجوازت للضرورة ..
و لا بد من القول ..
ان ابتعاد الشاعر عنها هو أجدى و أحسن .. ما لم تكن هناك ضرورة ملحة .
و مما يجوز للشاعر المولد ارتكابه من الضرورة في شعره ،
أن يصرف ما لا ينصرف .. لأن أصل الأسماء كلها الصرف ، و انما طرأت عليها علل منعتها منه .. فاذا صرف الشاعر مالا ينصرف ، فقد رده الى اصله .
قال الشاعر:
لم تتلفع بفضل مئزرها … دعدٌ ، و لم تُغْذَ دعدُ بالعلب
العلب : جمع علبة ، و هي قدح من خشب ضخم يحلب فيه .. فصرف دعدا ، و ترك الصرف في بيت واحد .
أما أن يأتي الشاعر الى ما ينصرف ، فيترك صرفه .. فلا يجوز.. لأنه اخراج الشيء عن اصله ،.
و اخراج الأشياء عن اصولها يفسد مقاييس الكلام فيها .
و احتج الأخفش على جواز ذلك ،
بقول العباس بن مرداس السلمي :
فما كان حصن و لا حابس … يفوقان مرداس في مجمعِ
فترك صرف مرداس ، و هو اسم منصرف .
و قال بعضهم :
هذا لا يقاس عليه .
و مما يجوز للشاعر المولد استعماله ضرورة ،
قصر الممدود .
و لا يجوز له مد المقصور .. لأنه خروج على الأصل .
و أما قصر الممدود ، فهو رد الشيء الى اصله .
قال الشاعر :
بكت عيني و حق لها بكاها … و ما يغني البكاء و لا العويل
فقصر البكاء و مدّه في بيت و احد .
و مما لا يجوز الاحتجاج به في مد المقصور .. لأنه على غير أصل الوضع الذي اتفق العلماء عليه .
قول الفرزدق :
أبا حاضرٍ .. من يزنِ يظهر زناؤه …ومن يشرب الخرطوم يصبح مسكّرا
فمد الزنى .
و هو ممدود في لغة أهل نجد .
و القصر فيه لأهل الحجاز .. وهي لغة القرآن .. و عليها الاعتماد ،
و علة من مدَّ الزنى .. انه جعله فعلا من اثنين
كقولك :
راميته رماء ، و زانيته زناء .
و من قصره ذهب الى أن الفعل من أحدهما ، .
و في الجملة ، فانه منقول مقول لا يقاس غيره عليه . و يكتب الزنى بالقصر بالياء ، لأنه من زنى يزني ،
فأما قول الآخر :
سيغنيني الذي أغناك عني … فلا فقر يدوم و لا غناء
فالرواية الصحيحة ، أن يكون أوله مفتوحا ، لأن معنى الغِنى و الغَناء واحد بفتح حرف الغين .
و الشاعر اذا اضطر الى مد المقصور ، غيّر أوله ووجهه ، الى ما يجوز استعماله . كقول الراجز :
و المرء يبليه بَلاء السربال … كر الليالي و انتقال الأحوال
فلما فتح الباء من البلى ، ساغ له المد ،
و مثل هذا كثير .
و يجوز للشاعر الاجتزاء بالضمة عن الواو ضرورة
كقول الشاعر ( العجير السلولي) و يقال انها لـ ( المخلب الهلالي ) :
فبيناهُ يشري رحله ، قال قائل … لمن جمل رِخوُ الملاط ذلولُ
كان الأصل .. فبينا هو ،
فلما اجتزأ بالضمة ، حذف الواو .
و يجوز للشاعر المولد ،
أن يرد المنقوص الى أصله في الاعراب ضرورة
سيغنين الذي أغناك عني … فلا فقر يدوم و لا غناء
فالرواية الصحيحة ، أن يكون أوله مفتوحا ، لأن معنى الغِنى و الغَناء واحد بفتح حرف الغين .
و الشاعر اذا اضطر الى مد المقصور ، غيّر أوله ووجهه ، الى ما يجوز استعماله . كقول الراجز :
و المرء يبليه بَلاء السربال … كر الليالي و انتقال الأحوال
فلما فتح الباء من البلى ، ساغ له المد ،
و مثل هذا كثير .
و يجوز للشاعر الاجتزاء بالضمة عن الواو ضرورة
كقول الشاعر ( العجير السلولي) و يقال انها لـ ( المخلب الهلالي ) :
فبيناهُ يشري رحله ، قال قائل … لمن جمل رِخوُ الملاط ذلولُ
كان الأصل ،
فبينا هو ،
فلما اجتزأ بالضمة ، حذف الواو .
و يجوز للشاعر المولد ،
أن يرد المنقوص الى أصله في الاعراب ضرورة ،
فيضم الياء في الرفع ، و يكسرها في الجر ، كما تفتح في النصب ،
لأن الضمة و الكسرة منويتان مقدرتان في الياء و ان سقطتا ،
فيقول
في قاض في حال الرفع ” قاضيٌ ” و في حال الجر ” قاضيٍ ” غير مهموز ، و كذلك في جواري و غواني .
قال الشاعر ” أبو خراش الهذلي ” :
تراه و قد فات الرماة كأنه … أمام الكلاب مصغيُ الخد أصلمُ
فضم ياء مصغ .
و قال عبيد الله بن قيس الرقيات :
لا بارك الله في الغوانيِّ …هل يصبحن الا لهن مطّلبُ
فكسر الياء في الغواني ، و قال الآخر :
ما ان رأيت و لا أرى في مدتي كجواريٍ يلعبن في الصحراء
في جمع الاثنين و الواحد
يجوز كما قلنا الجمع في المثنى و المفرد
قال تبارك و تعالى
” فان كان له اخوة ، فلأمه السدس ”
يريد أخوين فصاعدا .
و قوله
” ان الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون ”
و انما ناداه رجل من بني تميم ،
و قوله
” و ألقى الألواح ”
و انما هما لوحان .
و قال الشاعر :
لو الرجاء لأمر ليس يعلمه … خلق سواك لما ذلت لكم عنقي
و مثل هذا كثير في الشعر القديم و المحدث .
أما قولهم في افراد الجمع فهو أقل مما تم ذكره .
و كذلك في افراد الاثنين .
فمن ذلك قول الله تعالى :
” ثم يخرجكم طفلا ” .
و قوله
” فاتياه فقولا انا رسول رب العالمين ”
و قوله
“فما منكم من أحد عنه عاجزون ”
و قال جرير :
هذي الأرامل قد قضيت حاجتها … فمن لحاجة هذا الأرمل الذكر
ولم يقل .. حاجتهن
و قال آخر :
و كأن بالعينين حب قرنفل … أو فلفل كحلت به فانهلّتِ
و لم يقل :
فانهلتا ،
و قال مسلم بن الوليد :
ألا أنف الكواعب عن وصالي … غداة بدا لها شيب القذال ِ
و قال جرير :
و قلنا للنساء بها أقيمي .
في تذكير المؤنث و تأنيث المذكر
سوغ الشعراء تذكيرهم المؤنث في اشعارهم .
أوالعكس .. كما أن ذلك موجود في اشعار المحدثين في أيامنا .
قال مالك بن أسماء بن خارجة الفزاري في شعره الذي أوله :
حيث تسقي شرابنا و تغنى … حبذا ليلينـــــا بتــــــل بَوَنّا
و مـــررنا بنسوة عطرات … و سماع و قــرقف فنزلنـــا
ما لهم لا يبــارك الله فيهم … حيث يسألن منحنا ما فعلنا
و قال آخر ، و قد استشهد به سيبويه في كتابه :
فلا ديمة وجقت وَدقها … و لا أرض أبقل ابقالَها
فذكر الأرض .. و لم يقل : أبقلت
و قال نُصيب :
ان السماحة و المروءة ضُمِّنا … قبرا بمرو على الطريق الواضح
و قالت أعرابية :
قـــــامت تبكّيه على قبره … من لي من بعدك ياعامر
تركتني في الدار وحشية … قد ذل من ليس له ناصر
و قال أبو نواس :
كمَنَ الشنآن فيه لنا … ككمون النار في حَجْرهِ
و حجره تعود للنار و لم يقل .. حجرها
*****
خالد ع . خبازة
اللاذقية
منقول من عدد من كتب التراث
Discussion about this post