Views: 4
لأصحاب النفس الطويل في القراءة
تنويه وحكاية تماشياً مع ترند شوكولامو
“”تنويه””
دائما يتهمونني بأنني زيرٌ للنساء وهذه التهمة فيها شييءٌ من الصدق والكثير الكثير من المُبالغة، هناك فرق شاسع بين استلطاف أنثى دعتك لاستلطافها وبين الحبو وراء كل أنثى أياً كانت خَلقًا وخُلقًا و شتان مابين هذا وذاك.
ومن هذا المنطلق كانت علاقتي كثيرة مع النساء فأكثر النساء تميل قلوبهن إلى اللطف والتفاصيل التي يعتني بها الرجل ومع ذلك فمنهن يرغبن بمرافقتي ومنهن من يبتعد بُعد المشرق عن المغرب، ومن يُرافق النساء عليه تعلم فن (الإتيكيت) وتعلم مصطلحات النساء من أسماء المكياج إلى أسماء العصائر العصرية إلى اختيار مفردات باللغة الأجنبية كي يقال عنه رجل عصري (جنتلمان) وأنا تعلمت الكثير من هذه المفردات الدخيلة التي لا أحبذها ولكن اضطررت إلى تعلمها إلّا أن تلك الواقعة التي حصلت معي أكدت لي بأنِّي أحتاج الكثير لأُلمَّ بكلّ المفردات
إليكم ما جرى معي:
“””شوكولامو”””
في إحدى الأيام وأنا أقود سيارتي الخاصة عائدٌ إلى منزلي في ساعةٍ متأخرة من الليل، أي مايقارب الساعة الحادية عشرة، وجدت شابة تقفُ على ناصية الطريق، كانت في عقدها الثالث، جميلة القوام والمُحيّا، كانت البلد أثناءها تعاني من أزمة مواصلات خانقة والركوب في تكاسي الأجرة أمر مُكلف لا يستطيع متوسط الدخل المحدود أن يتجرأ على استقلال التكسي، وأغلب أصحاب السيارات الخاصة كانت تصطحب الناس في طريقها كعمل إنساني.
أومأت لي تلك الشابة بملامحها أن أقف واصطحبها في طريقي، لن أتردد بالوقوف، ركبت بجانبي وألقت عليّ التحية وقبل أن أرد تحيتها رن جوالها وأجابت فوراً :
_(أي روحي وأنا اشتقتلك كتير، ليش ما عم شوفك)
وبينما كانت تتحدث معها جاءها اتصال ودون وداع للمتحدث الأول أغلقت بوجهه وأجابت المتصل الثاني فوراً
_( بعد زمان والله..وينك ياعاطل ليش ما عم شوفك)
وكما الذي قبله أغلقت بوجهه دون وداع وردت على المتصل الجديد:
(أهليييين بشيخ الشباب…والله هلق نزلت من البيت…لحالك ولا معك حدا)
أيضاً أغلقت بوجهه وأجابت المتصل الذي بعده وبقيت هكذا مايقارب الخمس أو ست اتصالات بنفس الطريقة والحديث واللباقة والطرد،
حينها علمت أني وقعت في مصيدة امرأة بائعة هوى وعليّ أن أنقذ نفسي منها كي لا أسمع كلمة لا تليق بي وربما قد يُنجدها كل رجال الأرض إن صرخت، وأنا من الرجال الذين ينفرون من هؤلاء الباعة
التفت فجأة إلي وسألتني
أي أعطتني شيئاً من اهتمامها وقطعت أعمالها واتصالاتها احتراماً وتقديراً لي
_(وين بدك تاخدني)
أجبتها:
_(والله شفتك واقفة على الطريق فقلت لحالي بساعدك وبوصلك بطريقي)
هي:
(يعني ما بدك تدورني )
هنا قررت أنا أقوم بتمثيل دور الموظف الفقير المنتوف حتى أتخلص منها دون أدنى كلمة جارحة فمن المعروف عن تلك الباعة أنهن سليطي اللسان ولا يخشينّ أحد
أجبتها:
(والله بتمنى..بس الظاهر الفقير مالو حظ.. أنا شوفير عند مدير ظالم وقاسي وبخيل..يعني بحاسبني ع الدقيقة وعلى نقطة البنزين)
كأني صدمتها بكلامي فتنهدت بالخيبة قائلة:
(اممممم ليش السيارة مو ألك؟؟)
أنا:
_(منين ياحسرة)
على مايبدو أن بائعة الهوى لا تترجل من السيارة دون أن تستفيد ولو بأقل الأشياء لهذا صدمتني وقالت لي:
_(يعني مابدك تعزمني على شي؟)
فوراً قلت لها:
_(لعيونك أش هالشغلة..ع شو بتحبي أعزمك)
أجابتني
(عزمني على شوكولامو)
أجبتها باستغراب
_(شو هي الشوكولامو)
هي:
_( شوكولامو)
وأنا حقاً لا أعرف الشوكولامو ولم أسمع عنها من قبل رغم معرفتي بأشياء كثيرة، فقلت لها:
_( لك خيت شو هي الشوكولامو)
تقصدت بكلمة (خيت) للتودد وإبعاد الشبهات عني وإبعاد فكرة أني قد أتماشى مع هواءها.
هي:
_( أوف أوف هلق بربك مابتعرف الشوكولامو ولا عم تجدبها؟)
أنا:
_(والله العظيم مابعرفها يابنت الحلال ولابحياتي سمعان عنها)
هنا بدأت أقص عليها قصص الفقراء وعن ضنك عيشي وأن الفقراء لا تعرف الأشياء اللذيذة لكنني مضطر أن أقدمها لها، لهذا سألتها من أين تباع هذه العفريتة التي تسمى شوكولامو، فقامت بإخباري أين تباع، وعلى الفور توجهت إلى محل مثلجات في حي الفرقان يسمى محل الشافي كما وجّهتني، ركنت على جانب الطريق ونزلت إلى المحل وطلبت منه شوكولامو وأنا أنتظر أن أراها بفارغ الصبر حتى أن البائع سألني كيف تريدها فقلت لهُ كما تشاء كي لا أشعر بالحرج أمام الزبائن وهيئتي هيئة رجل عصري ولا يمكن أن يكون جاهل إلى هذا الحد، أخذت تلك العفريتة وذهبت إلى السيارة وقدمتها للشابة الذواقة فوراً قالت لي:
(ليش ماجبت الك ؟)
أجبتها:
_(كل اللي طلع معي من مصاري دوبن كفو حق وحدة)
هنا رق قلبها وشعرت بشيء من الذنب وأنا كممثل بارع أتقنت دور الفقير حتى قامت بوضع لقمة من الشوكولامو بفمي لم تعجبني صراحةً، فليس كل ماهو اسمه أجنبي لذيذ لكنني قلت لها كم هي لذيذة وأثنيت على اختيارها وعندما حاولت أن تضع اللقمة الثانية في فمي رفضت ولما سألتني عن السبب أجبنتها:
_نحن الفقراء لا نحب أن نتعلق بالأشياء اللذيذة خشية الإدمان.
تأثر حالها كثيرا أما أنا بدأت أحسد من يحظى بها وبهذا الجسد الجميل لكثرة أمواله وأن الفقراء أمثالي حتى الشوكولامو حلم بالنسبة لهم..
ولأنها رقيقة القلب قالت لي بنظرة عطف وحنان
بشيءٍ من الإنكسار والصدق..
_(والله العظيم أنا حبيتك وأنت باين عليك إنسان محترم وطيب ولأنك هيك أنا جاهزة أعطيك اللي بدك ياه ببلاش ومابدي منك ولا فرنك)
هنا ضحكت ضحكة في قلبي لو سمعت صوتها لقتلتني
صرخت الآه وقلت بحسرة
_( اااخ ياخيت مو قلتلك نحن الفقراء مالنا قسمة بالشي الطيب اللذيذ..خيتو مابدي شي منك بخاف تعجبني الشغلة وما أقدر من دونها…خيتو هي الشوكولامو من قلبي طالعة وصحتين وألف هنا وأنا بصراحة حبيتها كتير وبس الله رزقني رح اشتري لأولادي منها)
لم أعلم أن العاهرات يملكنّ أيضا قلوب ترق وتحن فعندما نظرت في عينيها لمحتُ دمعًا..فتحت حقيبتها وتناولت بعض من أوراق المال وأقسمت أنَّها لم تنزل من السيارة حتى أخذ تلك الأموال لأشتري لأولادي شوكولامو كما أنها أقسمت أن هذه الأموال حلال خالص من مصدر حلال وليسوا من عملها المشبوه وأنها حصلت عليه مقابل صوتها الذي باعته لأحدى المرشحين، وحقاً لم تنزل من السيارة حتى وضعت المال وغادرت ولمّا قمت بعد المال وجدتهم بقيمة أربعة من الشوكولامو.
مؤسفٌ أن تحنو عليكَ ابنة ليلٍ بينما تقفُ بعرضِ المدينة مُنهكًا لا كُرسيٌ يتحرك من أجلك!
#شوكولامو
Discussion about this post