Views: 6
التوعية سبيل آمن إلى حج صحيح.
#إن فريضة الحج ركن من أركان الإسلام الخمسة، وهو فريضة شرعها الله تعالى على المستطيع من عباده مرة واحدة في العمر، لما فيها من أسرار عظيمة، ومعانٍ إيمانية راقية، وتجليات روحانية تُصفِّي القلب وتطهّر النفس. قال تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ۚ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [آل عمران: ٩٧].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بُني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلًا.(متفق عليه).
# إن الحج رحلة لا تُقاس بالأميال، بل تُقاس بالدموع المنسكبة، والقلوب المنطرحة على أعتاب الرحمة.
#هناك حيث تهفو الأرواح إلى البيت العتيق، لا شيء يشبه النداء الأول: لبيك اللهم لبيك..
#صرخة حب وولاء، تعلن بها النفس انتماءها لله وحده، بعد طول تيهٍ في دروب الدنيا.
#في الحج: تخلع الروح عنها أثواب الغفلة، وتتوشح برداء الطهر، تمشي بخطى المتعبين…
لكنها واثقة، مشتاقة، عازمة على العودة بقلب جديد.
#فما أعظمها من أيام تُغفر فيها الذنوب، وتُرفع فيها الدعوات، وتُكتب فيها بدايات لا تشبه النهايات.
#الحج ليس مجرد شعائر تؤدى، بل هو عبادة متكاملة تشمل الجوانب العقدية والروحية والأخلاقية والاجتماعية، #وقد شرعه الله تعالى لحكم عظيمة منها:
#تحقيق العبودية الكاملة لله تعالى بالتجرد من الماديات.
#تعميق وحدة المسلمين من خلال شعيرة عالمية يشترك فيها الغني والفقير، الحاكم والمحكوم.
#تطهير النفس من الذنوب، كما ورد في الحديث: من حج فلم يرفث ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه. (رواه البخاري ومسلم).
#تعليم الانضباط والالتزام من خلال التقيّد بالمواقيت، والشروط، والأركان، والآداب.
# ولهذا كانت فريضة الحج تستحق الإعداد المسبق، والتوعية المستمرة، ليكون الأداء مطابقًا لما شرعه الله وسنه رسوله صلى الله عليه وسلم.
# إن المؤسسات الدعوية سواء الرسمية منها كوزارات الأوقاف، أو غير الرسمية كالجمعيات الخيرية والمراكز الدعوية تتحمل مسؤولية كبيرة في هذا الشأن، وتتمثل أهمية دورها فيما يلي:
١- بيان الأحكام الفقهية الخاصة بالحج، فكثير من الناس يجهلون أحكام الحج وشروطه، وقد يؤدونه بشكل غير صحيح فيقعون في محظورات أو يتركون أركانًا أساسية، وهنا تأتي الحاجة إلى شرح المناسك بالتفصيل، وتوضيح ما يجوز وما لا يجوز، ونشر الكتيبات والمواد المرئية والمسموعة التي تبسط الفهم.
٢- التوعية بالآداب السلوكية في الحج، فليست الفريضة مجرد أعمال جسدية، بل تشمل الأخلاق والنيات. قال تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ ۚ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: ١٩٧].
إن المؤسسات الدعوية مطالبة بغرس معاني الحلم والصبر، واحترام الآخرين، والحفاظ على النظام، ونبذ التزاحم والأذى.
٣- التوجيه الصحي والإداري، فمن مهام المؤسسات الدعوية أيضًا التعاون مع الجهات الصحية والإدارية لتوعية الحجاج بأسس الوقاية من الأمراض، وأهمية النظافة، واحترام التعليمات، خاصة في ظل كثافة الأعداد والتغيرات المناخية.
حين تهيئ القلوب لرحلة العمر.
#إن للمؤسسات الدعوية رسالة مقدسة، لا تقتصر على التوجيه والتعليم، بل تتجاوز ذلك لتصبح جسورًا من رحمةٍ وهداية، تمتد نحو أفئدة الحجاج الظامئة إلى الله.
#ومن أجل بلوغ أثرٍ أعمق وفاعلية أوسع، ها هي بعض السبل التي يمكن أن تسلكها تلك المؤسسات، لتكون أنوارها أهدى، وصوتها أبلغ، وأثرها أعمق في موسم تتجدد فيه الأرواح:
أولًا: النداء قبل الزحام أن تُطلِق حملاتها التوعوية قبل حلول الموسم بزمنٍ كافٍ، فتستثمر كل منبر، من الإعلام إلى المنصات الرقمية، ومن المساجد إلى المجالس العامة، لتزرع في النفوس معنى الحج لا صورته، بلغةٍ سهلةٍ رقراقة، وبأساليب تمس القلوب، كالفيديوهات الهادفة، والمسرحيات المؤثرة، والرسوم الميسرة.
ثانيًا: بين الكف والإصبع… تطبيقات تهدي القلوب
أن تُبدع في تطوير تطبيقات ذكية، تشرح المناسك بفقه مبسّط، وتعرض الخرائط والخدمات الصحية، وتُقدّم خُطى الحاج خطوةً بخطوة، في رحلة يُسر لا مشقة، ومعلومة لا غموض فيها.
ثالثًا: التحضير لساعة اللقاء.
أن تُقيم دورات واقعية، تُعلِّم فيها كيف يُطاف حول البيت، ويُسعى بين الجبلين، وتُرمى الجمرات، فتكون كأن الحاج قد مرّ بالمناسك قبل أن يراها، فيطمئن قلبه، وتثبت قدمه، ويرقّ أداؤه.
رابعًا: أن يصل النور لكل العيون
أن تُعِد مواد دعوية بلغة الإشارة وبطريقة برايل، ليشعر أصحاب الهمم بأنهم ليسوا على الهامش، بل هم في قلب الاهتمام، موصولون بالنور كغيرهم، يسمعون النداء بأرواحهم، وإن خفُت الصوت.
خامسًا: رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه
أن تنتقي دعاةً مؤهلين، جمعوا بين علم نافع، ولسان طيّب، وحكمة في الإرشاد، ولين في الفتوى، يتقنون لغات الناس ويفهمون حاجاتهم، فيكونون للحجيج عونًا، وللقلوب سكنًا.
سادسًا: رفقة على درب النور
أن تُفعّل فرق الإرشاد الميداني، تمشي مع الحجاج في دروب منى وعرفات ومزدلفة، تشدّ على أيديهم، وتجيب على أسئلتهم، وتزيل حيرتهم، فالحج ليس مشقةً فحسب، بل مرافقة في الطريق إلى الله.
ففي الحج، لا تُحمل الحقائب فقط، بل تُحمل القلوب، وتُبعث الأرواح، وتُكتب التحولات الكبرى.
والمؤسسات الدعوية إن أحسنت الرفق والإعداد، كانت كالسراج بين زحام الدنيا، تُضيء الدرب وتبشر بالسكينة.