Views: 16
(( أي الصورتين أجمل ..!!)).
عندما رآها قبل سنوات بمريولتها البيضاء مع الجماهير المحتشدة على تلال غزة تحمل علم الوطن وتهتف بصوت عال : __ سننتصر ويهزمون.
نظر نحو السماء وصرخ ملء روحه: ياإلهي ما أجملها!.
تلك اللحظة تمنى لو يحتضنها مثل قبرة، بل مثل عروس بحر ظهرت له فجأة على شواطئ الوطن ، فنبرة صوتها المخملية وعيناها العسليتان ، أكدتا له أنهما قادرتان على الإنطلاق في الشوارع والساحات والأحياء دون أن تضلا الطريق، كيف اقتحمت قلبه على حين غفلة،بل كيف ينسى وجهها الذي يشبه فلقة القمر وابتسامتها الندية وتينك العينين اللتين تمتلأن بالتصميم والتحدي وتعرفان ماذا تريدان ؟؟.
ذلك الصباح رآها في المشفى حين كان يسعف والده الذي أصابته شظية في ساقه إثر إحدى الغارات الإسرائيلية على مخيمه الواقع في الشمال من مدينة غزة، تلك اللحظة طار صوابه وأصيب بالذهول، وهو يراها تمشي بهدوء وتعتني بالجرحى وتوزع ابتساماتها على المصابين مثل نسمة عطر تغسل الأحزان، دون أن يدري باغته لسانه بالكلام وراح يتمتم :
__شتان بين الأمس واليوم !
حاول أن يقارن أي الصورتين أجمل ؟ ترى أهي تلك الصورة التي رآها بها وهي منتفضة على تخوم غزة أم وهي الآن في المشفى وابتسامتها التي تعزف الحزن على قيثارة الألم.
عندما خرجت الصورة من خياله، وبانت أمامه امرأة من مرمر تمشي وتتحرك بين الجرحى،
ركض نحوها، احتار ماذا يفعل أيتغزل بها في مكان لايسمح له حتى بالحديث معها،فهي ليست عروس بحر ولاشامة على خد شمس كما رآها سابقاً ،بل هي امرأة تصارع ثورة االحزن والدموع، بعدما قال له أحد المرضى أن عائلتها قضت تحت ركام المنزل ،ارتطم جسده بجسدها ،فاشتعل الفرح هرباً من الحزن ،ولحظة شهقت السعادة في عيونهما سقط صاروخ على المشفى، وارتجت الارض واحالت المكان إلى انقاض، أصيب بجروح بالغة وطارت هي أشلاء نحو مكان مجهول مع عدد من الموجودين. كانت لهم حكايات ليس وليدة الصدفة بل تراكمت منذأشهر، منذ الحرب على غزة .وحين عاد مرة أخرى للمكان رأى بقعة ضوء تشع كأنها حزمة شموع.