Views: 10
قراءة في كتاب ميسلون ويوسف العظمة للدكتورغسان الكلاس
كلّ أمة تبتغي صناعة المجد في حاضرها ومستقبلها، عليها الاحتفاء بتاريخها والعودة إلى أحداثه من اجل الاستلهام منها والاقتداء بأبطاله وصنّاع أمجاده وفي رحاب ذكرى لملحمة ميسلون الخالدة التي كانت حدثاً جللاً تبدت فيه بسالة السوريين بأعظم مظاهرها وقدشارك في صياغة تلك الملحمة أبطالنا من مختلف بقاع بلدنا الحبيب حتى قرية صدد البلدة النائية التي تغفو على أطراف البادية كان لها شرف المشاركة فيها حيث كان في صفوف أبطالها اثنان من المجاهدين هما مطانس السلمون(١٨٩٧_١٩٧٠) ومخول الحصيري(١٩٠١_١٩٨٩)
ومن هنا تأتي وقفتنا مع كتاب ميسلون ويوسف العظمة لمؤلفه الدكتور غسان الكلّاس الصادر عن دار المقتبس في٤٧٤ صفحة الذي يدهشك ويجعلك محتاراً فيما يجب أن تطلقه على المؤلف من صفات فهو الباحث الموضوعي الموسوعي الذي يحيط بموضوع بحثه إحاطة شاملة غير مغفلٍ لاي جانب من جوانبه والمؤرخ الدقيق الذي يتناول كل ماكُتب عن الواقعة على مدى 100 عام منذ ١٩٢٠ وحتى ٢٠٢٠ 24-تموز واضعاً إياها في سياقها التاريخي والأديب الألمعي الذي يسوق إليك أفكاره بأسلوب رائع من التكثيف والإيجاز الذي لايخلّ بالمعنى مستخدماً عبارات رشيقة سائغة مدهشاً القارئ بالكم الكبير من الغنى والتنوع المعرفيين وببراعة الاستشهاد وقدكان الكاتب موفقاً بدايةً في اختيار العنوان الذي بدت له وظيفة دلالية حيث ذكر اسم الملحمة عاطفاً عليه اسم شهيدها البطل فكما قال توماس كارليل(إن تاريخ العالم ليس إلا سيرة الرجال العظماء) وقد حالفه التوفيق عندما بدأ بعبارات عن معركة ميسلون للرئيس شكري القوتلي الذي عرف بنشاطه السياسي في مقارعة الانتداب الفرنسي لدرجة صدور أكثر من حكم إعدام بحقه حتى إهداء الكتاب لحفيده طلال الذي تزامنت ولادته مع وضع اللمسات الأخيرة للكتاب له دلالة رمزية فكأنه يقول للجيل القادم أنتم الوعد والأمل وعليكم تعوّل الأمة في صناعة أمجادها ورسم مستقبلها وتابع ممهداً بقول للمفكّر ساطع الحصري عن أهمية واقعة ميسلون وقد قّسم المؤلف كتابه إلى قسمين تناول في القسم الأول الكتب التي صدرت عن مجريات ونتائج الواقعة وصنّفها مرتبة في أربع مجموعات ١- مؤلفات الذين عاصروا المرحلة او شاركوا فيها ٢_مؤلفات المؤرخين والكتّاب الذين أرّخوا للمعركة في أطرها التاريخية والسياسية والعسكرية ٣_ مؤلفات تناولت شخصية البطل الشهيد يوسف العظمة ٤_صور ماورد في بعض الموسوعات أما القسم الثاني والذي أسماه(صدى ميسلون في الآداب والفنون) فقد تناول الأثر الذي تركته الواقعة في الأدب من شعر ومسرح كمافي الدراما بأنواعها سينمائية وتلفزيونية وإذاعية دون ان ينسى الفن التشيكلي بمختلف أنواعه ولم يغفل حتى الطوابع التذكارية وعندما ذكر أثرها في الصحافة نوّه بحاجة الموضوع إلى المتابعة والرصد وألحق المؤلف بقسمه الثاني العديد من الصور التي جسّدت المعركة وشهيدها الأول وذكر في نهاية الكتاب مجموعة من المراجع والمصادر لمن يريد التوسع والاستزادة ولابد من التنويه بالجهد المبذول لهذا المنجز التوثيقيّ والأسلوب البارع الذي كتب به.
*مريم كدر