Views: 18
علي الراعي : الأديب خدم الصحفي
*حاوره سعد الله بركات
عهدته مهتما بالتراث والموسيقي منه على نحو خاص ، فإذا به شاعر وقاص محفزا المواهب القصصية عبر إدارته ملتقى خاصا بالأدب الوجيز ، قارب نتاجه عديد النقاد ، وثمّة من رأى أنّه :((يتمتع بثراء فكري وأدبي وفلسفي كبير، ويمتاز بعمق رمزي وسوريالي في طرحه للأفكار.ونصوصه عمل أدبي وفكري مميز يجمع بين الرمزية والبلاغة وقوتها تكمن في بساطتها الظاهرية وعمقها ، حيث يعبر عن قضايا إنسانية خالدة بأسلوب مُتقن وشاعري.)) فيما يرى الناقد الشاعر محمد خالد الخضر أن علي الراعي ؛(( يجمع ا بين عواطفه ومحبته للناس، وحقق في نصوصه الاجتماعية إبداعاً راقياً في مستويات فنية تليق ببراعه ))
ولعلّ هذا الحوار معه يضيء على مجمل مسيرته عبر صفحات ،، زهرة الليلك،، :
س* على مدى نحو ثلاثة عقود في مهنة المتاعب، أيها كان الأسبق ، الشعر ، القصة ، النقد ، أم الصحافة؟
** بكلِّ تأكيدٍ الصحافة كانت سابقة لكلّ ما تقدّم، وإن كان ثمة محاولات في الكتابة الأدبية خلال الدراسة الجامعية، تناوبت بين ملامح شعرية وكتابة القصة القصيرة التي كانت رائجة حينها.. غير أن الصحافة كانت بوابة لكلّ النتاج الأدبي فيما بعد.. ومن بوابتها دخلت إلى كل تلك المجالات بعد أن “تخصصت” تقريباً في الصحافة الثقافية، والتي من خلالها تعرفت على كل المناخ الثقافي في سوريّا ثمّ خارجها .
س* كيف وجدت نفسك في لجة بحر الأدب ؟
** بدأ الأمر كمحرر ثقافي، أتابع النشاطات والفعاليات الثقافية على أنواعها في المشهد الثقافي السوري، ثم كان أن اهتميت أكثر بالقصة القصيرة، حتى أصبحت من كتّابها، وأصدرت مبكراً مجموعة قصصية خلال عقد التسعينات، وحينها كات الفن القصصي رائجاً قبل أن يصل إلى مرافئه الأخيرة اليوم.. ثم بعد أن ترهل هذا الإبداع، وكان أن ظهر حينها فن القصة القصيرة جداً ، حيث تابعت كل فعالياته خلال عقد التسعينات، كما تابعت كل “العنتريّات” التي رافقت مرحلة توهج فن القصة القصيرة، وبقيت كذلك متابعاً وناقداً ، ومن ثم كاتباً للقصة القصيرة جداً ، حتى وقعت في براثن الخاطرة والتلغيز والفعل الماضي، فكان أن أقلعت عنها باتجاه الأدب الوجيز الذي كان لي شرف انطلاقته منذ سنة 2011.. تحت عنوان (الملتقى السوري للنصوص القصيرة)..و أنجزنا عشرات الملتقيات في مختلف المدن السورية، وقدمنا عشرات الكتّاب في هذا المجال، كما أصدرنا عشرات الكتب التي تهتم بفن (الأدب الوجيز)..
س* أيهما خدم الآخر ، الصحفي أم الأديب ؟
** في البداية، بالتأكيد كانت الصحافة، فهي من فتحت لي الأبواب الواسعة صوب الآداب والفنون على تنوعها وأنواعها، لكن فيما بعد، خدمني الأدب بأن أكسبني خصوصية وأسلوب مختلف بعيداً عن المباشرة والتسجيلية في الأنواع الصحفية، عندما كتبت المقالة الصحفية بأسلوبٍ أدبي، وبعيداً عن المباشرة التي تتسم بها الصحافة.. وهو ما أدخلني فيما بعد في مناخات النقد على تنوعه، وإن خصصت المساحة الأوسع للنقد التشكيلي، باعتبار إن المشهد الثقافي التشكيلي في سوريا كاني يعاني من ندرة النقاد في الفن التشكيلي، ويقع منهكاً بين نوعين من النقد، إما نقد أكاديمي مغرق باستخدام المصطلحات، أو مباشر وسطحي وإخباري تعريفي صحافي، فكان أن خضت هذا المجال بنقد مختلف يُفارق المنحيين السابقين، وهو إيجاد المعادل النقدي للعمل التشكيلي سواء كان منحوتة أو لوحة، وحتى تمثال..
س* كيف لك ان ترسم الخط البياني لأول بوح أدبي لك وصولا إلى ما أنت عليه من نتاج وفير ؟
** كما ذكرت بدأ الأمر محرراً صحفياً في الشأن الثقافي ، ومتعاوناً مع عدد من المنابر الصحفية حينها داخل سوريا وخارجها، وبعد مسك خيوط الأنواع الثقافية من مختلف أطرافها، أصبح هناك ميل لأنواع ثقافية أكثر من غيرها، وهو الأمر الذي ظهر بإصدار عدد من الكتب، بدأت من القصص صدر منها ثلاث مجموعات قصصية، ومن ثمّ الشعر الذي صدر منها مجموعتان شعريتان، فيما قاربت الكتب التي صدرت بالنقد التشكيلي الخمسة كتب.. وفي الأدراج عشرات المخطوطات تنتظر الوقت والتمويل المناسبين لإصدارها..
س* بين عشرة إصدارات ، أيها الأحب لك ؟ ولم ؟
** كلّها أثيرة على قلبي بالتأكيد، غير أن الأقرب للنفس هي الأعمال الإبداعية أكثر من الأعمال البحثية والفكرية، لاسيما المجموعات الشعرية، سواءً ما صدر منها في كتب، أو التي هي قيد المخطوطات، والقصص القصيرة لما فيها من روح المرء وجوانياته، رغم وجود مثل هذا الأمر في الكتب البحثية والنقدية، لكنها تبقى قراءات في نتاج الآخرين، وهي قائمة عليها، بمعنى ثمة من يشاركك هذا الإبداع.. فيما كتب الشعر والقصة؛ فهي لك وحدك لا يشاركك فيها أحد.. وهي المعادل لروحك وما تنبض به في جوانياتك ودواخلك واعماقك..
س* في أي من الأجناس الأدبية تجد نفسك أكثر ؟
** اليوم يكاد يختزل عندي كل شيء بما يُشبه القصيدة، القصة القصيرة أمست بين يدي اليوم أقرب إلى الومضات من الشعر، رغم وفرة الحكائية فيها، وهو ما اخترعت له مصطلحاً باكراً عندما اسميت هذا النوع حينها، ب(الأقصودة) أي النص الذي يجمع بين القصة والقصيدة، وهو الأمر الذي كان دافعاً لإقامة فعاليات الأدب الوجيز من خلال (الملتقى السوري للنصوص القصيرة)، حيث مجموعة من الأنواع الأدبية التي تتقاطع وتتشارك بعشرات الملامح والشروط والأركان حتى كادت تضيع الفواصل بينها.. وقد وصل الأمر لأن أكتب النص أو المقال الصحفي بلبوسٍ من اللغة الشعرية أحياناً..
س* ما ابرز معاييرك النقدية ؟
**لكلّ نوعٍ إبداعي عدّته من الأدوات والمعايير في قراءته، وإن كنت أميل للنقد الانطباعي التذوقي، لاسيما عندما يأتي من ناقدٍ خبير ومتمرس..
س* ماذا يعني لك : الشعر، القصة، النقد، الصحافة ؟
** الشعر: يكاد يكون الإبداع الأصيل للناطقين بالعربية، فلم يبدعوا بفن كما أبدعوا بالشعر.. الشعر الذي لا يقتصر على القصيدة، بل أنّ كلّ إبداع يجب أن يوشّى بالشعر حتى يعوّل عليه..
القصة: أجدها فنّا يافعا مات في عزّ شبابه.. توهّج في عقود الستينات والسبعينات، ووصل إلى مرافئه الأخيرة مع دخول العالم إلى الألفية الثالثة.. وما بقي منه اليوم أطلال دارسة من فن القصة القصيرة جداً
النقد : إبداع ضائع بين غموض نقاد أكاديميين بلغة جافة ومتخصصة، وبين إخبار تعريفي سطحي صحافي وبانتظار عودة الروح للنقد الانطباعي التذوّقي
الصحافة : أ مست حالة رومانسية بعد افتقاد الورقية وانتعاش السوشيال ميديا..
& شكرا لك زميل مهنة وقلم
** الشكر لك ووافر الامتنان والتحايا العطرة لمجلة زهرة الليلك وإدارتها الراقية برفعة الثقافة والأدب
*************** ****************
&& سيرة &&
#علي الراعي كاتب وصحفي سوري حاصل على إجازة في الإعلام من جامعة دمشق، وهو مدير الملتقى السوري للنصوص القصيرة.
صدر له نتاجات في القصة مثل “كومة رماد” من دار قرطاج 2000، “كمواويل” دار بعل 2010، وله في الشعر “كوقتٍ يُزهر على الشرفات – هايكو” دار بعل بدمشق 2119، “كماء العنب في آب العناقيد” الهيئة العامة السورية للكتاب 2021، وله في الدراسات والنقد “دروب في المشهد التشكيلي السوري” و”الطواحين”، ونتاجات أخرى قيد الطباعة.